بعد تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية قرارها الاعتراف بمغربية الصحراء، وانخراطها في تسهيل بلوغ تفاوض حول مبادرة الحكم الذاتي المغربية، شهد ملف الصحراء المغربية تسارعا للأحداث. فقد جاءت إحاطة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء ستافان دي ميستورا لمجلس الأمن في الأسبوع الماضي، متأثرة بقرار الولايات المتحدة الأمريكية. كما شهد الملف في مجلس الأمن تململا في اتجاه تسوية في إطار مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب.

من جهة أخرى، تسارع الدعم الدولي للمقترح المغربي وتسارع الاعتراف بسيادة المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية. وقد سار في هذا الاتجاه عدد من البلدان الأوروبية سواء في أوروبا الغربية أو الشرقية. يضاف هذا الأمر إلى الاعتراف بمغربية الصحراء من قبل بلدان من كافة القارات.

هي دينامية جديدة يشهدها ملف الصحراء المغربية. وعلى الرغم من إيجابية المسار، الذي بلغه ملف الصحراء المغربية، إلا أن المرحلة تتطلب يقظة واحترازا واستعدادا لمواجهة المناورات. لقد جاءت إحاطة ستافان دي ميستورا لمجلس الأمن على الرغم من إيجابيتها، بلغة تحتمل بعض الإزاحات. دي ميستورا حاول الضغط على بعض المفاهيم، مثل حكم «ذاتي حقيقي»، وأيضا تجديد مطالبته بتفاصيل مقترح الحكم الذاتي. ومعلوم أن دي ميستورا، منذ محاولته إقحام جنوب إفريقيا طرفا في النزاع، وهو يبين أن له تصورا خاصا حتى لا نحكم عليه بمحاباته لجهة ما بقصد ما.

وكما هو معلوم فإن مقترح الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب لمجلس الأمن في أبريل من سنة 2007، يتضمن تفاصيل واضحة. وهي تفاصيل كافية لتحديد سقف التفاوض قصد تسوية النزاع في إطار مجلس الأمن. أما الحديث عن حكم ذاتي حقيقي فهو أيضا موضح في المقترح، واستعمال اللفظ في البيان الصادر بعد لقاء وزيري خارجية المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، يأتي في إطار الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

كما يعلم المتتبعون، فإن مبادرة الحكم الذاتي تقدمت بها المملكة المغربية استجابة لدعوات مجلس الأمن  بقصد التوصل لتسوية سياسية نهائية ودائمة لملف الصحراء. ومنذ تقديم المبادرة لمجلس الأمن، وصفت كل تقارير الأمناء العامين للأمم المتحدة، الذين تعاقبوا على المهمة، المبادرة بالجدية والواقعية والعملية وذات مصداقية. وهذا الوصف جاء أيضا على لسان مسؤولين دوليين. وفي مقابل ذلك ظل الطرف الآخر المتمثل في الجزائر وصنيعتها جبهة البوليساريو، رافضا للمقترح المغربي ومتشبثا بأوهام لا هي واقعية ولا جدية ولا ذات مصداقية.

في السنوات الأخيرة شهدت قضية الصحراء تطورات من خلال اعتراف مجموعة من الدول بمغربية الصحراء، ومن بين هذه الدول تلك المؤثرة في الملف، منها إسبانيا المستعمر السابق لمنطقة الصحراء الغربية المغربية، والولايات المتحدة، القوة الكبرى في العالم وحاملة القلم في ملف الصحراء في مجلس الأمن، وفرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن. يضاف إلى هذا سحب العديد من الدول الاعتراف بالجمهورية الوهمية، ولم يبق في الساحة المناوئة لمغربية الصحراء سوى الجزائر وبعض حلفائها كجنوب إفريقيا.

التطور،الذيي شهده ملف الصحراء المغربية، لاشك أنه إيجابي  ويسير في اتجاه حل دائم، غير أن المرحلة لن تكون سهلة، كما أن أي توجه  لخلق شيء كيف ماكان غير سيادة المغرب على صحرائه سيادة شاملة بكل رموزها لن يكون مقبولا.  فالحكم الذاتي في إطارالسيادة المغربية هو الحد الأقصى.