في سياق انطلاق جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بمناسبة عيد الشغل، جددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) رفضها لمشروع قانون الإضراب بصيغته الحالية، معتبرة أنه "يفتقر للشرعية" وأن تمريره تم خارج منطق التفاوض والتوافق، مطالبة بإرجاعه إلى مؤسسة الحوار الاجتماعي.

وأكدت الكونفدرالية، في اجتماعها مع الحكومة أمس الثلاثاء، أن القانون التنظيمي للإضراب بصيغته الحالية يمثل "قيدا" على الحق الدستوري في الإضراب، مطالبة بمراجعته في إطار تشاركي، معتبرة أن الحوار الاجتماعي لا يمكن أن يحقق أهدافه في ظل ما وصفته المركزية النقابية بـ"انفراد الحكومة بالقرارات الاجتماعية".

رفض التعديلات على التقاعد

وجددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رفضها لأي إصلاح لنظام التقاعد يمس بالحقوق المكتسبة للأجراء، في موقف انسجم مع مواقف نقابية أخرى كالاتحاد المغربي للشغل، التي شددت بدورها على رفض أي سيناريو إصلاحي يحمل تبعات مالية إضافية للطبقة العاملة.

كما نبهت الكونفدرالية الديمقراطية للشغلإلى غياب دورية الحوار الاجتماعي، وطالبت باحترام الحريات النقابية ووقف كافة أشكال التضييق، وذكّرت الحكومة بملفات عالقة مثل ملف ربابنة الخطوط الملكية المغربية، وحالات الطرد النقابي في عدد من الأقاليم (البيضاء، طنجة، مراكش، تمارة، المحمدية...).

مطالب بتحسين الأجور

وشدد وفد CDT على أن استمرار موجة الغلاء وتدهور القدرة الشرائية يفرضان زيادات ملموسة في الأجور والمعاشات، التي لم تعرف أي تحسن حقيقي منذ سنوات، داعياً في الوقت ذاته إلى احترام قانون الشغل، والتصريح بالأجراء لدى CNSS والرفع من الحد الأدنى للأجور.

وطالبت النقابة أيضا بتفعيل اتفاقات الحوار القطاعي، خصوصاً في قطاع التعليم، وإخراج الأنظمة الأساسية المتوافق عليها في عدد من القطاعات، منها الجماعات المحلية والتعليم العالي والتشغيل، وكذا الإسراع بإحداث المؤسسة المشتركة للأعمال الاجتماعية لموظفي الإدارات العمومية.

تحسين أوضاع الشغيلة

كما شددت الكونفدرالية الديمقراطية على ضرورة تحسين أوضاع مربيات ومربي التعليم الأولي، ومراجعة الأنظمة الأساسية للهيئات المشتركة مثل المتصرفين والمهندسين والمساعدين الإداريين، بما يعزز أوضاعهم المادية والمهنية، ويفتح آفاقاً لمساراتهم الوظيفية.

وفي الشق الاجتماعي، دعت إلى حل نزاعات الشغل الجماعية، وتفعيل اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة، مع الالتفات للملفات الاجتماعية الحارقة مثل إعادة تشغيل مصفاة "سامير"، وضمان حقوق العمال في المؤسسات العمومية والشبه عمومية .

تفاعل حكومي وتعهدات بالتنفيذ

من جانبها، أفادت CDT بأن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أبدى تفاعلاً مع ملاحظات النقابة، مؤكداً التزامه بتسريع تنفيذ الاتفاقات القطاعية، ومتابعة الملفات العالقة. كما التزم بعقد اجتماع مع مسؤولي الموارد البشرية في المؤسسات العمومية لفرض احترام الحقوق الاجتماعية، ومواصلة الحوار مع النقابات حول الملفات الكبرى، من بينها ملف التقاعد ودمج CNOPS في CNSS.

وأكد أخنوش، حسب بلاغ الكونفدرالية، على عقد اجتماع جديد قبل فاتح ماي من أجل الحسم في القضايا العالقة، في إشارة إلى نية الحكومة الدفع بالحوار الاجتماعي إلى مرحلة أكثر تقدماً.

يبدو أن الحوار الاجتماعي هذه السنة ينطلق على وقع خلافات عميقة حول قضايا جوهرية تمس الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشغيلة، وعلى رأسها قانون الإضراب وإصلاح التقاعد، وسط مطالب نقابية متزايدة بإعادة الاعتبار لمنهجية التفاوض والتوافق كمبدأ أساسي في تدبير العلاقة بين الحكومة والنقابات.