تواصل الحرب الروسية - الأوكرانية الإلقاء بظلالها على موائد فقراء العالم، خصوصا في ظل العيوب التي ظهرتعلى الاتفاق الذي تم بموجبه إعادة فتح ثلاثة موانئ لتصدير المحاصيل الغذائية باتجاه مجموعة من أفقر البلدانفي العالم، ممّن تأثروا بتوقف إمدادات القمح والذرة الأوكرانيين إليهم.
غير أن تقرير لوكالة رويترز الإخبارية كشف أن الكميات التي جرى شحنها، حتى الآن، تظل غير كافية لتخفيفحدة أزمة الغذاء العالمية يتطلب الإفراج عن مزيد من الشحنات لتصدير حوالي 20 مليون طن من الحبوب المتبقيةمن محصول العام الماضي المتراكم في جميع أنحاء اوكرانيا، بالإضافة إلى محصول القمح هذا العام، والذي يقدربنحو 20 مليون طن أخرى.
وأشار تقرير "رويترز" إلى أن الموانئ الثلاثة المشاركة في الصفقة - أوديسا وتشورنومورسك وبيفديني – لديهاقدرة إجمالية على شحن ما يقرب من ثلاثة ملايين طن شهرياً، غير أنه لا يبدو أن الأمور ستكون ميسرة، في ظلالحاجة إلى توفير عدد كبير من السفن لنقل مثل هذا الحجم الكبير من الحبوب، وتردد بعض مالكي السفن فيدخول منطقة حرب، خاصة مع التهديد الذي تشكله الألغام وارتفاع تكلفة التأمين.
ونقلاً عن محللين، تقول وكالة رويترز إن زيادة الصادرات يمكن أن تساهم في تراجع الأسعار، على الرغم من أنهحتى الآن لم يتم شحن إلا ما يقرب من 500 ألف طن من القمح عبر الممر، بينما صدّرت أوكرانيا حوالي 18 مليونطن سنوياً في آخر المواسم قبل الغزو الروسي.
ولا تزال أسعار المواد الغذائية الأساسية القائمة على القمح، مثل الخبز والمعكرونة، أعلى بكثير من مستويات ماقبل الغزو في العديد من البلدان النامية، على الرغم من انخفاض العقود الآجلة في شيكاغو، بسبب ضعفالعملات المحلية، وارتفاع أسعار الطاقة، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف مثل النقل والتعبئة.
من جهتها نشرت جريدة "ذا غارديان" البريطانية تقريراً أكدت فيه أن ما نشهده من أزمة غذائية عالمية في الوقتالحالي ما هو إلا بداية لما ستؤول إليه الأمور قريباً، مؤكدةً أن الأسعار ستستمر في ارتفاعها بفعل "الصدماتالمناخية وتأثيرات الحرب في أوكرانيا"، التي تسببت في إحداث مشكلات هيكلية في منظومة الغذاء العالمية.
ونقلت الصحيفة عن عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، قوله إن"الحرب نفسها لم تخلق أزمة"، بل "وضعت الكثير من الوقود على نار مشتعلة بالفعل"، بينما أكدت الأمم المتحدةأن المشكلة في الوقت الحالي ليست في توفر الغذاء، وإنما في "القدرة على الوصول إليه وتحمّل تكلفته".
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأسعار بنحو 20% على أساس سنوي، لكن تضخم أسعار المواد الغذائية وصلإلى 33% في إيران، و122% في لبنان، بسبب ضعف العملات المحلية، كما تراجع الإنتاج. وعلى نحو متصل،ارتفعت أسعار الأسمدة بنسبة تصل إلى 300% في بعض البلدان في إفريقيا؛ حيث عرقلت الحروب والتغيراتالمناخية زراعة محاصيل العام المقبل.