AHDATH.INFO- رضوان بلديرصدت جمعية الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان، في تقريرها الأخير، عشر مواضيع ذات صلة بحريات وحقوق محددة، مع إشارتها إلى أن قضايا أخرى تتسم بنفس الأهمية، كانت محط انشغال الحركة الحقوقية، خلال سنة 2019، معتبرة أن التقرير «بمثابة وثيقة لإثارة انتباه الفاعل العمومي إلى حالات ووقائع حصلت في زمن ومكان محددين، وقضايا ووضعيات معينة، لتحفيز القرار العمومي أو تصويبه وتجويد صياغته وتتبع تنفيذه والمساهمة في تقييمه وتقويمه».وجاء الحق في الحياة، على قائمة المواضيع، التي وضعت تحت مجهر الرصد، حيث يؤكد التقرير، أن  مقاربة الوسيط في التعاطي مع هذا الحق، تحددت انطلاقا من آخر ما أقرته منظومة الأمم المتحدة لحماية الحق في الحياة، في مقابل ذلك تم التركيز من جهة أولى على استمرار الإبقاء على عقوبة الإعدام ضمن التشريعات الوطنية وجرد الأحكام ذات الصلة خلال سنة 2019، مع تسجيل الوسيط لغياب تحمل الحكومة لمسؤوليتها بشأن التزامها بإطلاق ورش النقاش المجتمعي حول هذة العقوبة؛ وتعميم حصيلته.ومن جهة ثانية، تقديم حالات بشأن انتهاك الحق في الحياة على خلفية التجمع والتظاهر السلمي.التقرير الذي غطى سنة 2019 قدم المعطيات ورصد الحالات بشأن انتهاك الحق في الحياة بسبب استعمال السلاح الوظيفي وارتفاع حوادث الطرق وتنامي اللجوء للانتحار، وحالات الوفيات بسبب الهجرة غير النظامية، وكذا انتهاك الحق في الحياة بسبب عدم تيسير الولوج للخدمات الصحية، ولذلك فإن مختلف المعطيات وحالات المس بالحق في الحياة في علاقة بالمجالات موضوع الرصد تعد مصدر قلق وانشغال متزايد يستدعي التدخل عبر مراجعة التشريعات وإعداد وإعمال السياسات المنصفة من أجل ضمان حماية هذا الحق.أما بخصوص حرية الجمعيات، توقف التقرير عند العراقيل التي تواجه الجمعيات أثناء التأسيس، والتي قال التقرير إنها «تتخذ عدة أشكال»، لخص بعضها في «التماطل في منح الوصل النهائي، أو تسلم الوثائق دون تسليم وصل»، وقال التقرير بأن مثل تلك الممارسات تؤثر سلبا على عمل الجمعيات، إضافة  قدم الوسيط قراءته في الحكم القضائي بشأن حل جمعية «جذور»، وخلص إلى أن قرار حل «جذور» يعد الحدث الأبرز في سنة 2019، لأنه يشكل تحولا «نوعيا» في التعاطي مع حرية الجمعيات بالمغرب ومن شأنه أن يؤثر على عملية مراجعة الإطار التشريعي للجمعيات التي وعدت بها الحكومة منذ عدة سنوات، حيث اعتبر الوسيط أنه في «حالة جمعية جذور» فقد تم الزّجّ بالقضاء لاستصدار حكم بالحل يفتقد إلى الأسس القانونية والحقوقية المستوجبة للحل.أما في ما يتعلق بحرية التجمع والتظاهر السلمي شدد التقرير على أن الحكومة اعتمدت على «لغة الأرقام» وفق مقاربة كمية تختزل التحديات في معطيات تفيد بأن التظاهر بات ممارسة عادية ووقع التطبيع معه، ولم يقع التدخل الأمني لفض المظاهرات إلا في 941 شكلا احتجاجيا من أصل 12.052 برسم الأشهر العشرة الأولى من سنة 2019، غير أن المغيب في هذه المقاربة هو عدم الوقوف عند بعض المظاهر والتحولات المقلقة.كما حظيت حرية الرأي والتعبير باهتمام جمعية مؤسسة الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان، حيث قالت في تقريرها إنه رغم تكريس الدستور لحرية الرأي وحرية التعبير وتسييجهما بالضمانات اللازمة، واستجابة مدونة الصحافة والنشر للعديد من مطالب الحركة الحقوقية والمهنيين في مجال الصحافة وتعبيراتهم النقابية والمهنية، «ما تزال الممارسة تكشف عن محدودية حماية الحق في حرية الرأي والتعبير».أما في ما يرتبط بحرية المعتقد، يقول التقرير، إنه بمقابل ضمان الدولة لحقوق الأقليات الدينية من يهود ومسيحيين أجانب، ظلت حرية ممارسة الشعائر الدينية من قبل الأقليات الأخرى «مغاربة يعتنقون ديانات ومذاهب غير الإسلام وغير المذهب المالكي أو مغاربة لا دينيون» مقيدة، بحيث لا يسمح، يضيف التقرير، «للمواطن الذي ولد مسلما أن يغير دينه، مما يضطر هؤلاء إلى ممارسة شعائرهم ومعتقداتهم في سرية تامة، وفي بيئة غير متسامحة». وواصل التقرير أنه بالرغم من الضمانات الدستورية، فإن الممارسة تبين أن المسيحيين الأجانب فقط هم المشمولون بهذه الحماية الدستورية في ممارسة تعبدهم وشؤونهم الدينية، كما أن القانون الجنائي ماتزال تتضمن ما يتناقض مع كل من الدستور الذي كرس حرية الفكر والرأي والتعبير، والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.وفي موضوع آخر، يرى التقرير أن المساواة بين الجنسين ومختلف الحقوق الإنسانية للنساء ما تزال «تعهدا حكوميا بدون إعمال»، وبالرغم من الالتزامات الوطنية والدولية، يضيف التقرير أن المؤشرات المتعلقة بمدى ضمان العدالة الجندرية على مستوى القوانين والمساواة بين الجنسين في الحياة السياسة والاقتصادية، ما تزال تحيل على استمرار التمييز المبني على النوع على مستوى القوانين والممارسة.كما توقف التقرير عند أوضاع السجون بالمغرب، فإلى جانب حديثه عن عدد المؤسسات السجنية والمساحات المخصصة لكل سجين، يقول التقرير إنه رصد عينة من الحالات بشأن ادعاءات وإفادات في علاقة بوضع السجون والسجناء بالمغرب برسم سنة 2019، والتي تمحورت حول ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة المتعلقة بسجن راس الما بفاس؛ تواتر حالات الانتحار داخل المؤسسات السجنية؛ ووفاة سجين بسبب الإضراب عن الطعام.وبخصوص حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، يقول التقرير إن المغرب عمل على  حماية حقوق هذه الفئة باتخاذ مجموعة من التدابير أهمها اعتماده القانون الإطار 97.13، وإحداث آلية وطنية لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان خاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، لكن بالمقابل يقول التقرير لم تستطع الحكومة اتخاذ تدابير لإذكاء الوعي في المجتمع على مستوى الفضاء العام والخاص، وبمختلف مؤسساته (الأسرة، المدرسة، الإعلام، أماكن الشغل...)، ولتوسيع اختصاصات مراكز الحماية من العنف التي تم إحداثها على مستوى المحاكم لتشمل حماية الأشخاص في وضعية إعاقة.كما حاز موضوع حقوق المهاجرين واللاجئين، على مكانة مهمة في التقرير، حيث أكد على أنه الرغم من جهود المغرب على مستوى حماية حقوق المهاجرين واللاجئين والنهوض بها، فإن إعمال التزاماته الطوعية المتعلقة بالاتفاقية ذات الصلة، ما يزال يعرف الكثير من التحديات التي تنعكس سلبا على أوضاع المهاجرين واللاجئين بالمغرب، والتي نرصد بعض محدداتها من خلال ارتفاع وثيرة توقيف المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء، وصعوبة النفاذ إلى الخدمات الاجتماعية، في  المجال الطبي والتمدرس بالنسبة للأطفال.وخلص التقرير في النهاية إلى أن الحق في حماية الحياة الخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي، على الرغم من أن  المغرب على توطيد التزاماته الدولية في سياق الملاءمة مع الدستور والالتزامات الدولية ذات الصلة، وذلك بالمصادقة على بعض الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وأيضا من خلال ما راكمته اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية، غير أن تعزيز هذا الانخراط ، يقول التقرير، ما يزال يتطلب تضافر جهود إضافية تنحو نحو إقرار سياسات وتدابير حديثة، تساير المتطلبات الخاصة والمستجدة لمنظومة حماية المعطيات الشخصية وتتلاءم مع الحق في الحياة الخاصة وذلك باعتماد بعض المداخل التشريعية والمؤسساتية والتنظيمية وتعزيز فعاليتها، باعتبار الإطار التشريعي الحالي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة، لم يعد كافيا في مضمونه ونطاقه وآلياته على استيعاب تطورات العصر الرقمي، بكل تمظهراتها وتعقيداتها.التقرير وقف عند عدة جوانب ايجابية في المغرب سنة 2019 وقدم توصيات بخصوص ما يستوجب القيام به خصوصا في مجال ملاءمة القوانين مع الدستور ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها المغرب.