تمسكت بحلمها، وانطلقت كنجمة في سماء العلوم، متحدية الظروف الصعبة، لتتقلد منصب مديرة قسم الفيزياء النووية في واحد من أكبر مختبرات العلوم بالعالم، وهو مختبر "أرغون" الوطني بالولايات المتحدة الأمريكية. إنها المغربية كوثر حفيظي ذات 51 سنة التي تعتبر أول سيدة تشغل هذا المركز العلمي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، بعدما عملت لسنوات في منصب مساعدة الرئيس العلمي لمختبر توجيه البحث والتطوير، وحيازتها 19 سنة من الخبرة في البحث بالولايات المتحدة وأوروبا.
رحلة العلم
غادرت كوثر حفيظي المغرب بعد حصولها على إجازة في الرياضيات والفيزياء عام 1995، قصد متابعة دراستها في باريس في تخصص الفيزياء النظرية. لم تكن الشابة اليافعة تعرف حينها أن مشوار الألف ميل قد بدأ، وأنها وضعت خطوتها الأولى نحو مسيرة استثنائية ستتكلل بنجاح باهر، سيقودها إلى دهاليز البحث العلمي في أمريكا ويطبع اسمها في صفحات العلوم والتقنيات الحديثة.
أثناء اشتغالها على أطروحتها للدكتوراه، انتقلت الشابة إلى مختبر جيفيرسون في الولايات المتحدة، حيث مكثت لمدة تسعة أشهر، كانت كفيلة بإشعال شرارة الحلم الأميركي بداخلها.
تمكنت حفيظي من الحصول على الدكتوراه في عام 1999 من جامعة باريس الجنوبية في مجال الطاقة الذرية، لتقرر بعد ذلك الانتقال إلى الولايات المتحدة والانضمام إلى المختبر الأمريكي للبحث والتطوير، معلنة عن بداية صفحة جديدة في كتاب حياتها.
كوثر الزوجة والأم
أكدت كوثر حفيظي في عديد من اللقاءات الصحافية والتلفزية، أنها في شبابها كابدت لرعاية إخوتها، لأنها فقدت والدها في سن مبكرة. وحتى بعد زواجها من إبراهيم الذي التقته في صفوف الجامعة في فرنسا، استمرت في دعم والدتها وإخوتها الصغار حتى اشتد عظمهم وأتموا دراستهم.
ولا تُخفيِ العالمة المغربية دور زوجها "العظيم" في حياتها ومساهمته في بلوغها أعلى مراتب النجاح، حيث تعتبر نفسها محظوظة جدا،لأنها حظيت بزوج يساندها منذ 27 عاما، وهو يعمل الآن معها في المركز.
ولفتت حفيظي إلى أنها تسعى بصعوبة إلى التوفيق بين حياتها المهنية المليئة بالأسفار والاجتماعات والندوات العلمية، وأسرتها الصغيرة التي كَبرت بولادة ابنها عمر ذي 19 عاما، مؤكدةً أن "زوجها يقوم بدور كبير في إعالة البيت وفي تربية ابنهما، ويقوم بالمستحيل ليدعها تتفرغ لعملها الشاق".