حموشي في باريس.. الكفاءة المغربية والاعتراف الفرنسي

الخطوة التي انتظرتها فرنسا
محمد أبويهدة الاثنين 01 يوليو 2024
1
1

هي الزيارة التي لطالما انتظرها المسؤولون الفرنسيون، لأنهم يعون جيدا أن المؤسسة الأمنية باتت اليوم هي الرقم الصعب في معادلة العلاقات المغربية الفرنسية، ولأنهم يدركون أن الأمن المغربي يلعب دورا مهما في إعادة هذه العلاقات إلى السكة الصحيحة، بعد هفوات جزء من النخبة السياسية الفرنسية الحاكمة، التي لا تقدر، أحيانا، قيمة هذه العلاقات التاريخية، من خلال سوء تقديرها في تدبير عدد من الملفات (قضية الوهم الكبير «بيغاسوس» نموذجا).

الأمن المغربي ظل وفيا لمبادئ التعاون، وخصوصا بعد نجاحه في اعتقال أبرز زعماء مافيا مارسيليا مؤخرا، وتعقبه لشبكات التطرف. وبفضل استراتيجيته الاستباقية وتدبيره وتحليله الجيد للمعلومة الاستخباراتية، تمكن من وأد العديد من الاعتداءات الإرهابية في فرنسا وإسبانيا وعدد من الدول الأوروبية. وهذا ما يشكل النواة الصلبة للتعاون الأمني.

لقد جاءت زيارة عبد اللطيف حموشي لباريس (26-28 يونيو) كي تدفع بعجلة التعاون إلى الأمام، ولعلها تفتح أفقا جديدا، لاسيما أنها تم التحضير لها جيدا، ويبدو ذلك من خلال مستوى الوفد الأمني المرافق للمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وتركيبته التي تضم أجود أطر ومسؤولي المديرية العامة مراقبة التراب الوطني.

قيمة هذه الزيارة تتجلى أيضا في طبيعة وعدد اللقاءات والمباحثات التي تمت برمجتها مع مختلف مسؤولي مؤسسات الأمن والمخابرات الفرنسية، ومنهم سيلين بروتون المديرة العامة للأمن الداخلي، ونيكولا ليرنر المدير العام للأمن الخارجي، ثم فريديريك فو، المدير العام للشرطة الوطنية.

طاولة المباحثات الثنائية والمتعددة الأطراف ضمت عددا من الملفات الأمنية المهمة ومنها: مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والرفع من مستويات التنسيق وتبادل المعطيات الاستخباراتية والعملياتية حول مختلف التهديدات الصادرة عن المنظمات المتطرفة وشبكات الجريمة العابرة للحدود الوطنية، وملفات التعاون الاستخباراتي.

ومن الملفات التي تكتسي طابعا آنيا وتشغل بال كل الفرنسيين تلك المتعلقة بتأمين أولمبياد باريس 2024، حيث تم الاتفاق على وضع آليات استباقية لتقييم المخاطر وتبادل المعطيات على هامش العمل المشترك في تأمين الألعاب الأولمبية الصيفية.

بالإضافة إلى ذلك شغلت أيضا الملفات التي يتم تدبيرها بشكل يومي ومستمر حيزا مهما من المباحثات، وهي الملفات التي يوجد على رأسها تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية، وشبكات الهجرة غير المشروعة والاتجار في البشر، ويحتاج تدبيرها إلى آليات عملية في تنفيذ الإجراءات والعمليات الأمنية المشتركة المتعلقة بها.

وإذا كان الفرنسيون قد استوعبوا أن المؤسسة الأمنية صارت جزء لايتجزأ من الديبلوماسية المغربية الحديثة، بل صارت حجر الزاوية في كل العلاقات الناجحة، بفضل الحكمة الملكية وبفضل خبرة وحنكة رجل اسمه عبداللطيف حموشي، فإنهم  قد برهنوا اليوم على ذلك من خلال الاعتراف الفرنسي بهذا الدور، الذي جاء بشكل استثنائي عبر توشيح المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بميدالية الشرف الذهبية للشرطة الوطنية الفرنسية.