الذكرى 25: احتفال لكل المغاربة !

من اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء إلى العفو الملكي الكريم وبقية الإنجازات
لقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 31 يوليو 2024

كيف كان الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش المجيد؟

كان قويا، كبيرا، رحبا، متسامحا، قادرا على طي الصفحات، جامعا، موحدا، فرحا فرض على الكثيرين من هنا ومن هناك أن يشعروا بالإحساس ذاته على اختلاف المواقع التي هم فيها، أو يمثلونها، أو أحيانا يتوهمون أنهم أصحابها: إحساس الاعتزاز بالمغرب العظيم، وشعور الفخر بالنسبة لهذا البلد العريق، غير الطارئ، الكائن هنا منذ البدء.

لذلك قلناها ونعيدها، وسنظل مدمنين على تكرارها، منذ لحظة المجيء، وحتى لحظة الانصراف: نحن لانقول عن بلدنا الإنشاء المتزلف المنافق، حين نعتبره التميز والاستثناء بين الأمم.

لا، نحن فقط نصدح بالحق.

وعندما كنا نعود إلى تاريخ التاريخ، ونعطي الأمثلة أننا كنا سباقين دوما إلى الأشياء، دون دافع خارجي يجبرنا عليها، ونبرهن أننا لاننتظر الدروس من الشرق أو من الغرب، فإننا كنا نقوم بذلك من باب تذكير أنفسنا أولا، ثم تذكير الآخرين في المقام الثاني بأننا لانشبه ولاتقلد أحدا، وأننا أصلا لانريد هذا التشبيه ولا هذا التقليد.

وطن متفرد، واستثنائي ومتميز مثل هذا الوطن الذي منحتنا كل صدف الكون السعيدة شرف الانتماء إليه، والولادة على أرضه، وحمل جيناته في القلب قبل الدماء، بصمات مغربية أصلية وأصيلة، هو وطن يستحق منا دوما وأبدا الحنو عليه والحدب تجاهه، وعيشه برفق ولين.

ذلك أنه وطن لاتكسره شدة، بل بالعكس تعطيه من آيات القوة الشيء الكثير.

ما يحزنه بالمقابل حقا هو أن يجد من بعض أبنائه النكران، أو أن يحس من طرف بعضهم بالجحود.

يحزن المغرب كثيرا حينها، ولايعرف إن كان ملزما بمعاقبة نفسه أم القسوة على الأبناء.

وطننا الكبير، الرحب، المتسامح، القادر على العفو الكريم عند المقدرة المرة بعد الأخرى وطن من طبيعة أخرى، لاتشبه طبيعة بقية الأوطان.

هو وطن يستحق الحب فقط.

هل يحق لمن يرغب في انتقاده ذلك؟

طبعا، ولا إشكال في الأمر، بل هو عز الطلب لأننا دون نقد صريح وصادق وبناء وغير ظالم، وصافي النية، لن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.

فقط يكفي أن يكون النقد بحب، وأن يكون النقد مسلحا بمعرفة بديهية ضرورية وأساسية وحاسمة، وتذكرها باستمرار: المغرب لايشبه البقية.

هو لم يشبهها في التاريخين البعيد والقريب مما مضى، ولن يشبهها في بقية التواريخ القادمة كلها.

عندما تؤمن بهاته القاعدة الأساسية، كل الأشياء الأخرى تبدو لك عادية جدا، وغير قابلة إلا للانخراط في الانتماء للبيت العريق ذي الركن الحجري والسقف الحديدي المسمى المغرب العظيم.

ما أسعدنا بهذا الوطن، وبملك هذا الوطن، نحن المغاربة .

ما أسعدنا حقا.