الباحث معتضد: النبرة الملكية المعاتبة للأمم المتحدة رسالة بأن المغرب لن يقبل أي مماطلة حول النزاع المفتعل في الصحراء

بنزين سكينة الخميس 07 نوفمبر 2024

 

"لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته" بهذه العبارة المباشرة التي حملت ميزجا بين الهدوء والعتاب، اختار جلالة الملك في خطابه أمس الأربعاء 06 نونبر، بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، نقل الحديث حول وحدته الترابية نحو مستوى متقدم آخر من الوضوح المستند على ما راكمته الجهود الدبلوماسية خلال الفترة الماضية.

واعتبر هشام معتضد، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، ضمن تصريح لموقع " أحداث أنفو"، أن هذه النبرة المعاتبة التي تبناها الخطاب الملكي تجاه الأمم المتحدة تُعدّ نهجًا استراتيجيًا يعكس تطلعات المغرب لتعزيز جهوده في قضية الوحدة الوطنية، عبر تحميل المنظمة الدولية مسؤولية أكبر في إيجاد حل شامل وعادل، ما يشكل رسالة واضحة بأن المغرب لن يقبل بأي مماطلة أو تردد من قبل المؤسسات الأممية في ظل استمرار النزاع المفتعل حول الصحراء.

وأضاف معتضد، أن الملك محمد السادس يؤكد من خلال هذه النبرة أن دعم المؤسسة الأممية يجب أن يتماشى مع الدعم الدولي الجديد و الواقع الميداني، حيث نجح المغرب في تحقيق تقدم ملحوظ على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، ويعتبر أن الأمم المتحدة مدعوة للاضطلاع بدور أكثر فاعلية.

وعلى الصعيد السياسي، تعكس هذه النبرة حسب الباحث في الشؤون الاستراتيجية، رغبة المغرب في تجاوز الأطر التقليدية للتعامل مع القضية الوطنية، ودفع المؤسسة الأممية لاتخاذ موقف أكثر وضوحًا وحزمًا، معتبرا أن توجيه هذه الرسالة للأمم المتحدة يهدف إلى إحداث تحول نوعي في نهجها، حيث يتطلع المغرب إلى دعم أممي قائم على رؤية واقعية بدلًا من الاعتماد على مقاربات دبلوماسية سطحية، وهو ما يعزز الموقف الاستراتيجي للملك عبر وضع الأمم المتحدة أمام مسؤوليتها التاريخية لإنهاء هذا النزاع المفتعل، بما يضمن للمغرب تحقيق سيادته الكاملة.

ورأى الخبير الاستراتيجي أن الخطاب الملكي يحمل بعدًا استراتيجيًا يعتمد على القوة الناعمة من خلال تعزيز مصداقية المغرب كدولة متماسكة وذات سيادة، ويُظهر التزام المملكة بالسلام الإقليمي والدولي، مستطردا بالقول، أن النبرة الهادئة الملكية الهادئة المعاتبة، تعزز صورة المغرب كشريك قوي في تحقيق الاستقرار في المنطقة، مما يعزز كذلك موقفه على الساحة الدولية، وهو النهج الذي يُعيد للأمم المتحدة تحديًا يتمثل في ضرورة التكيف مع المستجدات الواقعية بدلًا من الاستمرار في دور المراقب السلبي.

وأضاف معتضد "أعتقد أن هذه النبرة الملكية ليست مجرد عتاب عابر، بل هي تعبير عن قوة دبلوماسية تهدف إلى تسريع الجهود الدولية لدعم الوحدة الترابية المغربية، مع تعزيز احترام سيادة المغرب على أراضيه. وهذا التوجه يسهم في ترسيخ قوة المغرب على المستوى الدولي، ويضع الأسس لتحول محتمل في مواقف بعض الدول تجاه قضية الصحراء المغربية"

وارتباطا بمدى التفاعل الأممي المنتظر مع الدعوة الملكية في ظل المستجدات الأخيرة التي يمثلها الاعتراف الفرنسي بقضية الصحراء وفوز الرئيس ترامب، أوضح الباحث الاستراتيجي أنه من المتوقع أن تؤدي الدعوة الملكية إلى تفاعل أممي مغاير قد يتسم بقدر أكبر من الحسم لصالح قضية الصحراء المغربية، ذلك أن الاعتراف الفرنسي بقضية الصحراء يعزز الشرعية الدولية لموقف المغرب ويضع ضغوطًا على الأمم المتحدة لاتباع نهج أكثر توازنًا وواقعية تجاه النزاع.

واعتبر معتضد أن فرنسا، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، تلعب دورًا محوريًا في التأثير على القرارات الأممية، ويُتوقع أن تدفع نحو تبني رؤية أكثر توافقًا مع الموقف المغربي، خاصة وأنّ هذا الاعتراف يؤكد على مصداقية الخيار السياسي الذي يقوده المغرب.

  أما فيما يتعلق بفوز الرئيس ترامب، فيرى المحلل معتضد أن عودته إلى الساحة السياسية قد تضيف بُعدًا آخر للتفاعل الأممي مع القضية، خاصة أن إدارته قد اعترفت سابقًا بسيادة المغرب على الصحراء، ما أحدث تحولًا استراتيجيًا في الموقف الأمريكي تجاه النزاع، وإذا استمرت الولايات المتحدة في نفس التوجه خلال ولاية ترامب الجديدة، فمن المتوقع أن يتعزز موقف المغرب على الصعيد الأممي، حيث أن دعم دولتين دائمتي العضوية لموقفه يُعزّز من وزنه داخل المنظمة الأممية ويزيد من الضغوط على الأطراف الأخرى للانخراط في حل سياسي.

وفي سياق هذا التفاعل الأممي، يضيف معتضد، قد تشعر الأمم المتحدة بضرورة إعادة النظر في سياساتها نحو النزاع، نظرًا لتصاعد دعم القوى الكبرى للمغرب. وهذا التطور قد يُسهم في إضفاء طابع جديد على مسار الحل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، عبر إدخال تعديلات على مسار التفاوض تُراعي الواقع الجديد، وتعطي الأولوية للأطراف التي تلتزم بحلول سلمية قائمة على الجدية والواقعية، مضيفا " أظن أن هذه المستجدات، بدعمها القوي للمغرب، ستزيد من دينامية القضية على الساحة الأممية، وتحث الأمم المتحدة على تحمل مسؤولياتها بشكل يتناسب مع موازين القوى الجديدة. وهذا قد يضع الأساس لتوجه أممي جديد يُعطي أولوية أكبر لحل عادل وواقعي للنزاع، بما يعزز السلام والاستقرار في منطقة شمال إفريقيا ويمهد لحقبة جديدة من التعاون الإقليمي."