هذه الهدنة!

بقلم: المختار الغزيوي الجمعة 17 يناير 2025

هذه الهدنة كانت ضرورية.

هذه الهدنة أنهت أشهرا من القتل والدمار والخراب والترهيب والرعب والموت، تسبب فيها من قرروا ذات سابع أكتوبر حزين أن ينتحروا، وأن يجروا معهم المكان كله إلى الانتحار. 

ومعذرة على تحريك السكين مجددا في الجرح الأليم، لكننا قلناها في حينها: الموت لن يجلب إلا الموت، والإرهاب لن يجرنا جميعا إلا إلى الخراب. 

نعم كنا قلة قليلة جدا في قولها، لكننا كنا على صواب. 

أغلبية الأغلبية صرخت بكل جاهلية «حي على القتل»، وكذلك كان. 

قتل الموت الموت  حتى تعب عزرائيل من قبض الأرواح، ولم يحل أي إشكال. 

عادي جدا ومتوقع، فالموت لم يحل أبدا أي مشكل. 

وحده الحوار يحل المشاكل. 

وحده السلام يستطيع إنهاء القتل. 

ووحده حديث الناس مع الناس ينهي كل اشتباك. 

لحسن الحظ انتخب الأمريكيون دونالد ترامب، فقال لمن يحركون «حماس»، ومن يمولونها ومن يساعدونها على جر الفلسطينيين كل مرة إلى الدمار «كفى». 

قالها بطريقته، وأخبرهم جميعا أنه غير مستعد لدخول البيت الأبيض مجددا وهذا الموت مستمر. 

قال لهم إنه سيحطم كل شيء فوق رؤوسهم إذا لم يعد الرهائن قبل العشرين من يناير، يوم تنصيبه.

هددهم، فسمعوا التهديد وانصاعوا له، وتوقفوا. 

هم لا يفهمون إلا هذه اللغة، وهاته الطريقة في الحديث. 

الآن، لابد من العودة إلى حساب الخسائر التي تسبب فيها أصحاب الشعارات الكاذبون. 

لا مفر من ذلك، لأن كل قطرة دم أريقت، من هنا ومن هناك، ستسأل هؤلاء الكاذبين السؤال القاتل الأليم: لماذا؟ 

لماذا صفقتم للقتل أول مرة، وكل مرة؟ 

لماذا نمتم في منازلكم بعد المظاهرات الصوتية والناس هناك تموت؟

لماذا اعتبرتم أنكم قمتم بواجب النصرة فعلا لمن ماتوا، وأنتم تغنون الشعارات؟ 

لماذا خونتم من قال لكم القتل ليس حلا؟ 

لماذا حرضتم العوام، ومن لا يفهمون على أي صوت خالف مساندتكم الغريبة للقتل الجماعي وللعقاب الجماعي وللتعذيب الجماعي؟ 

لماذا ساندتم التطرف والمتطرفين من الجانبين، وعاديتم السلم والمسالمين من الضفتين؟ 

لماذا انتشيتم بقتل الناس؟ 

ولماذا غضبتم اليوم بعد أن جلست «حماس» وإسرائيل على طاولة التفاوض، واتفقتا معا، على الهدنة، ووقف إطلاق النار؟ 

لابد أن تجيبوا على كل هاته الأسئلة إن كنتم شجعانا فعلا. 

تمسكتم بجبن الشعار فيكم، ستصمتون الآن، ولن تتحدثوا مجددا إلا عندما يبدو لكم القتل البعيد عنكم، القريب من الفلسطيني والإسرائيلي ممكنا من جديد.

عكسكم، نحن نفرح للسلام، وبالسلام، ولا نريد موت أي إنسان، وهذا هو الفرق بيننا وبينكم، لذلك وعندما قال أكثرنا تعقلا وحكمة واطلاعا «كلنا آدميون»، صرختم بكل غباء الكون «لا» دون أن تفهموا لا سبب صراخكم، ولا حتى هاته «اللا» التي تخرج من أفواهكم. 

صرختم، وكفى، لذلك قال عنكم من خبروكم قبل الوقت بوقت طويل إنكم «مجرد ظاهرة صوتية». 

لا أقل ولا أكثر، وهذا أمر محزن، لكن الأوان اليوم ليس للحزن. هذا وقت احتفال بالهدنة التي كان ينتظرها الفلسطيني على أحر من الجمر، بعد أن مات كل هاته الأشهر الماضية، وأنتم تهتفون. 

سنتحدث فيما بعد...