«اليوم التالي»!

أحداث. أنفو الثلاثاء 18 فبراير 2025
GettyImages-1879706763-scaled
GettyImages-1879706763-scaled

 

شيئا فشيئا، بدأت غشاوة الشعارات تزول عن أعين الناس في العالم العربي، شعوبا وحكومات، في ما يخص ما يجري على أرض فلسطين، وبخصوص القضية الفلسطينية. 

استيقظ الكل على «اليوم التالي» الذي لطالما سمعوا به خلال حرب «حماس» وإسرائيل، التي أعقبت عملية السابع من أكتوبر الانتحارية، وفهم الجميع أن هذا اليوم التالي الذي يجري له الإعداد هو يوم يعيد تشكيل المنطقة بعيدا عن تركها بين أيدي تجار السلاح. 

جرى ويجري حاليا إفراغ لبنان من أسلحة إيران التي كانت تصل إلى ميليشيا «حزب الله»، ولن يكون هناك أي سلاح في بلاد الأرز مستقبلا إلا في أيدي القوات العمومية اللبنانية، جيشا وشرطة. 

والأمر نفسه سيطبق على أراضي قطاع غزة، التي سيكون السلاح فيها إما تابعا للسلطة الفلسطينية، أو لقوة إقليمية عربية تضمن حماية المدني الفلسطيني، ومعه المدني الإسرائيلي، من أي مغامرة مستقبلية غير محسوبة العواقب، قد تجر لها «حماس»، و«الجهاد الإسلامي» المنطقة، وتفرض على العزل هناك أداء ثمن غال جدا لقاء مكتسبات سياسوية صغيرة للحركات المتطرفة، ومن يحركها عن بعد. 

فهم الرأي العام العربي، قبل مجيء ترامب بقليل، أن الأمور تغيرت، ويوم تمت تصفية كل قياديي ميليشيا «حزب الله»، وسمحت إيران بقتل زعيم «حماس» إسماعيل هنية على أرضها، وهرب الأسد من سوريا، اتضحت الصورة كاملة، ولم يبق لها لكي تكتمل إلا الانتهاء من حكم «حماس» للقطاع، ورفع هذه التفرقة الفلسطينية التي صنعها التيار الإخواني يوم رفض الاعتراف بشرعية السلطة الفلسطينية التي قادت نضال الشعب الفلسطيني منذ القديم.

قلناها منذ ابتدأ القتل والقتل المضاد هناك: ذات يوم سيفرض العقل على كل حمقى التطرف، من الجانبين، وضع السلاح جانبا، والبحث عن حل يعيد بعضا من الحياة إلى ذلك المكان المبارك الذي مل وضجر وتبرم من كل قاتليه، ومن كل المتواطئين معهم، الضالعين في جريمة الاغتيال البشعة هاته للسلام منذ عشرات السنين. 

هل هذا هو «اليوم التالي»؟ 

غالبا هو، وما سيأتي من أيام سيزيد الوضوح توضيحا، مؤكدا لنا القاعدة الأولى والبديهية الثابتة: الشعارات تذهب جفاء، وما ينفع الناس هو الذي يمكث في الأرض.