بحرقة من عمل على خطوط التماس مع ضحايا تزويج الطفلات بمختلف جهات المملكة، حيث تتداخل الظاهرة مع إكراهات ثقافية واجتماعية واقتصادية وتنموية، شددت أمل الأمين، منسقة ائتلاف دنيا لمنع تزويج الطفلات، ومسؤولة مشاريع جمعية حقوق وعدالة العضو المؤسس للائتلاف، لموقع "أحداث أنفو" ، على ضرورة إيصال صوت الضحايا للجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، ضمن ترافع وجه انتقادات لاذعة لمقترح استثناء تزويج الطفلات المحدد في 17 سنة، ضمن المدونة المنتظرة.
واعتبرت الأمين في تصريحات على هامش الندوة الترافعية التي احتضنتها مدينة الدار البيضاء مساء الجمعة 7 مارس 2025، أن الإبقاء على مقترح الاستثناء سيشكل للكثيرين بوابة للتحايل، ما يسمح باستمرار ظاهرة تزويج الطفلات التي لا تعكس الاحصائيات المعلن عنها من طرف وزارة العدل، حقيقة حجمها الحقيقي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
و استغربت الأمين مسألة السماح بالإبقاء على الاستثناء الذي يسمح للطفلة في تقرير مصيرها الأسري، في الوقت الذي لا تثق فيه الدولة في قدرة مواطنيها على الاختيار في التصويت لحين بلوغهم 18 سنة، مشيرة أن تكوين أسرة أكثر تعقيدا لكونه يمثل مستقبل الجيل القادم.
وأوضحت الأمين أن إلغاء الاستثناء من شأنه أن ينقذ من مآسي تقع خلال الفارق الزمني الموجود ما بين 17 و 18 سنة، حيث يجب تمكين الفتيات من استكمال دراستهن أو الاستفادة من تكاوين مهنية ومرافقة تمكنهن من أن يصبحن فاعلات في المجتمع، بدل البقاء تحت ضغط المجتمع والزوج، وهو الأمر الذي لن يتم إلا في إطار الدولة وسياساتها العمومية.
واستعرضت منسقة ائتلاف دنيا لمنع تزويج الطفلات، عددا من الإكراهات التي تساهم في استمرار الظاهرة، في مقدمتها ضغط الأسرة التي تتخوف من "بوار" الابنة، إلى جانب الرغبة في التخلص من القاصر التي ينظر لها كعالة على الأسرة، كما أن الزواج ينظر له بالنسبة للبعض " كسلم اجتماعي يسمح للزوجة التي ترتبط بزوج ميسور من تغيير وضعيتها الاقتصادية، بينما الواقع عكس ذلك تماما، حيث يتسبب تزويج الطفلات في نزولهن للحضيض بسبب حرمانهن من الدراسة والتكوين والصنعة التي تضمن لها تغيير وضعيتها الاقتصادية" تقول الأمين التي تؤكد على الحاجة لتغيير هذه التمثلات.
وأوضحت الأمين أن الفتيات بدورهن قد يطلبن الزواج أو يهددن الأسر بالهرب وذلك في ظل الضغط المجتمعي وعدم التأطير خلال مرحلة المراهقة التي تعتقد فيه بعض الطفلات أن الزواج هو الحل الوحيد لعدد من المشاكل، واستحضرت المتحدثة مثال قاصر تزوجت في عمر 16 سنة وأنجبت في سن 17 وتطلقت قبل بلوغها عمر 18 سنة، وذلك بعد أن كان سبب رغبتها في الزواج هو التخلص من معارضة أسرتها لوضعها الماكياج، معتقدة أن الزوج سيسمح لها بممارسة ما منعت منه في كنف أسرتها لتصبح أكثر حرية !!!
أمام هذه المبررات الواهية و إكراهات المجتمع والأسرة، ترى الأمين أن على الدولة الأخذ بزمام الأمور لتمكين الفتيات والفتيان، بدل التعايش مع ما هو سائد من عادات داخل القرى وفقا لتبريرات المسؤولين، موضحة أن الحل يقتضي استحضار مقاربة تراعي العدالة المجالية وتضمن فرص التمدرس والتكوين داخل القرى كما المدن، مع العمل على توفير المدارس، ووسائل النقل ودور الطالبات في إطار تقديم ضمانات للأسر التي ترغب في تشجيع بناتها على مواصلة الدراسة، إلا ان الإكراهات المرتبطة بتوفير الأمن تحول دون تفاعل الأسر في سياق تكرر حوادث اختطاف و مضايقات تجبر التلميذات المتفوقات على التوقف عن الدراسة.
وقالت الأمين أنه على الدولة أن تكون طرفا في حل هذه الإشكاليات، بالتزامن مع جرأة سياسية تمنع الاستثناء المرتبط بتزويج القاصرات بدل الإبقاء عليه، وذلك تمهيدا لتكوين أسر المستقبل في إطار صحي ومتوازن.