تعود الآلة الإعلامية إلى الاشتغال، كعادتها مع اقتراب شهر أبريل حيث يكون ملف الصحراء في جدول أعمال مجلس الأمن.
هذه السنة سيأتي مقال في مجلة أمريكية تصدر عن مركز تفكير، ليعطي لأعداء الوحدة الترابية للمملكة بعض الدسم على عملها، وتقدم مفرقعات وهمية لجهات التي تحاول التشويش في ملف بينت السنوات الماضية أنه أخذ طريقه نحو الشرعية، والاعتراف للمملكة المغربية بسيادتها على كافة أراضيها.
مقال مجلة «فورين افيرز» عاد لموضوع تقسيم الصحراء المغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، ممثلة للجزائر. ومعلوم أن هذا المقترح كان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الأسبق، جيمس بيكر، قد حاول طرحه للنقاش لكن القرار تم رفضه جملة وتفصيلا وانتهى أمره دون أن يصل مجلس الأمن.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
قد يكون لترويج «خيار» تقسيم الصحراء المغربية، في هذا الظرف، مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي. وقد يكون في ذلك يد للوبي الذي صنعته الجزائر في الولاية المتحدة. غير أن الموضوع لا يجب الاستهانة به. لقد اشتغلت الآلة الجزائرية من جديد، وهذه المرة في اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية. الجزائر، وهي تعرض خدماتها وخيرات أراضيها على الولايات المتحدة الأمريكية، تقوم بذلك رغبة في خلق متاعب للمغرب، وهي العقيدة التي تقوم عليها ديبلوماسية الحكم العسكري الجزائري. لقد تعود المغرب على رؤية حكام الجزائر يشترون مواقف العديد من بلدان إفريقية لتعارض الوحدة الترابية المغربية. الجزائر اليوم تحاول أن تجد مجالات أخرى لتنفذ ما سبق لهواري بومدين أن رسمه بخصوص نصب العداء للمملكة المغربية والبحث على إضعافها.
موضوع التقسيم الذي يحاول البعض الترويج له يبتعد على كل فهم لطبيعة قضية الصحراء المغربية، ولطبيعة النزاع المفتعل حولها.
قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب ليست مجرد أرض، بل هي مسألة وجود. والنزاع الذي افتعله حكام الجزائر في الصحراء، يأتي من طموح الهيمنة وعزل المغرب، وليس هناك ما يمكن للجزائر خنق المغرب به أكثر من خلق كيان في جنوبه، يقطع كل أواصره مع جذوره وعمقه الإفريقي. حكام الجزائر لا تهمهم الصحراء، ولا حتى المحيط الأطلسي، بقدر ما يهمهم إنبات سرطان في جسم المغرب يعزله عن محيطه ويخنقه حد الموت. من هذا المنطلق سيكون أي حديث عن المس بوحدة المملكة الترابية، والمس بأقاليمها الجنوبية هو عمل يستهدف المملكة بتاريخها وحضارتها ووجودها.
حديث البعض عن «خيار» التقسيم فيه جهل بالتاريخ وبالجغرافيا، وبالقانون أيضا. لقد قضت محكمة العدل الدولية، في استشارتها في بداية السبعينيات، برابط البيعة بين سكان الصحراء وسلاطين المغرب. ويشهد التاريخ أن معظم الدول التي حكمت المغرب انطلقت من الصحراء. ينضاف إلى كل هذا اقتناع المنتظم الدولي بعدالة القضية المغربية، ومن ذلك اعتراف معظم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بمغربية الصحراء. يبقى أمر واحد، هو أن يبتعد النظام الجزائري عن القضية، ويبحث عن حل لما خلقه من معضلة مخيمات تيندوف.
من كل هذا هناك حقيقة لا يمكن تجاوزها، وهي أن المغرب في صحرائه، وليست هناك أي قوة يمكنها أن تفصله عنها. قضية المغرب عادلة، ودسائس الأعداء يجب التصدي لها بكل الحزم.