إسدال الستار على فعاليات الموسم السنوي للمدارس العتيقة في دورته العاشرة بتارودانت

موسى ظحراز الخميس 17 أبريل 2025

في جو رباني روحاني، وبحضور علماء، فقهاء، باحثين في الشأن الديني، وعاظ، طلبات وطلاب العلم بالمدارس العتيقة من مختلف القرى والمدن، اشرف الكاتب العام للعمالة ورئيس مؤسسة المدارس العتيقة والوفذ المرافق لهما يضم شخصيات مدنية وعسكرية ومنتخبين وومثلين عن المجتمع المدني، على اختتام فعاليات الملتقى السنوي للمدارس العتيقة في دورته العاشر، والمنظم من طرف المؤسسة تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في موضوع " الإنسان بين الحقوق والواجبات ".

فعلى مدى اسبوع كامل، ارتدت مدينة تارودانت أبهى حلتها وكانت ساكنتها في اسعد أيامها وهي تستقبل عددا من العلماء والفقهاء ووعاظ، حيث إلقاء دروس دينية والمشاركة في ندوات وموائد علمية، وإلقاء محاضرات ذات النفع على الجميع.

يقول العلامة الدكتور اليزيد الراضي رئيس مؤسسة المدارس العتيقة في معرض كلمته الختامية للموسم السنوي، " انها لحظة اسدال الستار بعون الله وتوفيقه على آخر فصل من فصول هذه الدورة العاشرة بعد أن قضينا ولله الحمد أسبوعا كاملا حافلا بالإفادة والإجادة، وبالاقناع والامتاع، وقد استمتعنا والحمد لله بمحاضرات وندوات ولقاءات مفتوحة أجاد مؤطروها وأفادو وأقنعوا وأمتعوا ونوروا أفكارنا وأسعدوا أرواحنا وأيقظوا ظمائرنا، وصقلوا وجداننا وأحيوا قلوينا، وجعلونا أكثر ادراكا للعلاقة القائمة بين الحقوق والواجبات وأكثر وعيا بتنظيم الله للحياة البشرية واقامتها على التفاهم والتعاون والأخذ والعطاء والحرص على أداء الواجبات قبل الحرص على استيفاء الحقوق، كما استمتعنا بأمسيات رائقة أحيتها المدارس العلمية العتيقة المشاركة، وأبدعت في احيائها، وقدمت أنشطة هادفة، وقراءات مؤثرة وانشادات حية، وبرهنت بذلك على أن المدارس العتيقة في صحة وعافية، وأنها مازالت، ونرجوا أن تظل ما تزال تؤدي رسالتها النبيلة وتسدي خدماتها الجليلة للأمة، وتسهم اسهاما كبيرا في ترسيخ ثوابتنا الدينية والوطنية وحماية هويتنا الحضارية.

وقد أعجب المشاهدون لتلك الأمسيات بما تختزنه المدارس العتيقة من نبوغ لافت للانتياه وذكاء يدعوا الى الاعجاب والانبهار وقدرة فائقة على الانخراط الايجابي في المجتمع وافادة الأمة افادات جمة ولاسيما في مجالات العلم والدين والوطنية والاخلاق وغيرها مما هو أساسي في التنمية البشرية، وفي بناء الشخصية القوية المتوازنة الكاملة التي تعتبر الحجر الاساسي في ممارسة الخلافة الراشدة في الأرض، ولا شك سادتي سيداتي أن هذه الدورة المباركة المخصصة لموضوع الانسان بين الحقوق والواجبات قد نجحت ولله الحمد كما نجحت سابقاتها وآتت أكلها الطيب باذن ربها، وحققت الاهداف المتوخاة منها ونجاحها تجلى في أمور كثيرة أبرزها :

أولا : المستوى العلمي العالي للعروض والمحاضرات وهو مستوى يعكس الكفاءة العلمية والكفاءة المنهجية والكفاءة التواصلية، والكفاءة الخلقية للسادة الباحثين زادهم الله تفوقا وتألقا.

ثانيا : تألق فقهاء وتلاميذ المدارس العتيقة المشاركة وهو تألق يعكس جد التلاميذ وطموحهم ورغبتهم في تحصيل العلم النافع وجمعه بين حسنيي الحفظ والفهم، وانفتاحهم على العصر بعلومه ولغاته، كما يعكس جد الفقهاء وصدقهم واخلاصهم وحرصهم على تكوين الأجيال الصاعدة تكوينا علميا ودينيا واخلاقيا ووطنيا.

ثالثا : المناقشات والمذاكرات التي تعقب الانشطة العلمية وتزين بها الجلسات، وقد اتسمت تدخلات الحاضرين والحاضرات بالجدية والرغبة الصادقة في الافادة والاستفادة والتحلي بآداب المناظرة وذلك أعطى للعروض والمحاضرات قيمة مضافة وأغناها ووسع افقها.

رابعا : الانطباعات الايجابية التي عبر عنها الضيوف الأعزاء والأصداء الطيبة التي تصلنا من كثير من المتابعين والمهتمين.

خامسا : الخروج من الدورة بحقيقة واضحة هي أن المطالبة بالحقوق من قبل الأفراد ومن قبل الجماعات والنقابات يجب أن تسبقها المطالبة بالقيام بالواجبات، باعتبار أن القيام بالواجبات وتحمل المسؤوليات هما الشجرة التي تثمر الحقوق فاذا لم تتعهد تلك الشجرة بالرعاية والسقي والتشذيب فأنى لها أن تثمر وأنا لنا أن ننتظر منها ان توتي أكلها الطيب، والندوة بكل جلساتها العلمية وبكل عروضها وندواتها لا تدعوا أبدا الى إلغاء الحقوق ولا تحث على عدم المطالبة بها ولكنها تدعوا المطالبين بالحقوق برفق ولطف الى تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم الدينية والدنيوية ليستحقوا الحقوق التي يطالبون بها ولينسجموا مع طبيعة الحياة في الأرض ومع السنن التي أجراها الله ونظم بها هذه الحياة، وليتجاوبوا ايجابيا مع قول الله عز وجل : { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون } ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « اعملوا ولا تتكلوا فكل ميسر لما خلق له ».

ولاشك سادتي سيداتي ان النجاح الذي حققته هذه الدورة كما حققته الدورات التي سبقتها كان وراءه فضل الله وتوفيقه وتسديده، وما بكم من نعمة فمن الله، وكانت وراءه أسرار وبركات الرعاية الملكية السامية التي رصع بها مولانا أمير المومنين حفظه الله جبين هذه الدورة كسابقاتها وزين بها جيدها ورفع بها هامتها أطال الله عمره وأعز أمره وأدام نصره وخلد في سجل المكرومات ذكره.

واذا كان هذا النجاح سادتي سيداتي قد اثلح صدورنا نحن أعضاء المؤسسة والمتعاطفين والمتعاونين معها، اذا كان هذا النجاح قد أثلج صدورنا وأقر عيوننا وأشعرنا بفرحة عارمة وسعادة غامرة فان هذه المشاعر لم تنسنا التوجه بجزيل الشكر وجميل الثناء وصادق العرفان ورائق الامتنان الى كل الذين أي اسهام من قريب او من بعيد في تنظيم هذا الموسم القرآني العلمي الرباني وفي احاطته بظروف النجاح وأسباب التوفيق وأخص بالذكر والتنويه أولا وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، ثانيا الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، ثالثا عمالة اقليم تارودانت، رابعا مجلس اقليم تارودانت، خامسا المجلس الجماعي لمدينة تارودانت، سادسا السادة الباحثين، سابعا السادة فقهاء وطلبة المدارس العتيقة المشاركة، ثامنا السادة الفقهاء والأئمة والخطباء والمرشدين والمرشدات، والواعظين والواعظات، تاسعا السادة المرشدين والسيدات المرشدات، خلية المرأة وقضايا الأسرة التابعة للمجلس العلمي لتارودانت، الرقم الموالي الحادي عشر السلطات المحلية والأمنية، ثاني عشر المنابر الاعلامية المختلفة، ثالث عشر السادة الحاضرين والسيدات الحاضرات، وأملنا سادتي سيداتي ان نلتقي ان شاء الله تعالى في الدورة الحادية عشر من دورات الموسم السنوي للمدارس العتيقة في رحاب وعلى مائدة موضوع علمي آخر، ومع باقة فواحة أخرى من المدارس العلمية العتيقة التي نكن لفقهائها وطلبتها كل احترام وتقدير وكل تعظيم وتبجيل.

وختاما سادتي سيداتي أسأل الله العلي القدير أن يجعلنا جميعا خداما أوفياء لديننا وأمتتا ووطننا تحت القيادة الرشيدة والسياسة السديدة لمولانا أمير المومنين حامي حمى الوطن والدين صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ووفقه وسدده وألبسه رداء الصحة والعافية وأقر عينه وعيوننا جميعا بحفظ ولي العهد المحبوب الأمير الجليل الموهوب مولاي الحسن وشد أزره بصنوه السعيد المولى رشيد آمين والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته "، انتهى كلام الدكتور اليزيد الراضي.

من جته وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، عبر من خلالها السيد الكاتب العام للعمالة، عن دواعي الغبطة والسرور، وهو يشارك المؤسسة هذا اللقاء المتميز بمناسبة اختتام فعاليات النسخة العاشرة للموسم السنوي للمدارس العتيقة، الذي دأبت مؤسسة سوس للمدارس العتيقة على تنظيمه في هذه الفترة من كل سنة بدون كلل ولا ملل، والذي حضي منذ دوراته الأولى بالرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده، الذي يولي عناية خاصة للعلماء والفقهاء والأئمة وطلبة التعليم الأصيل والعتيق، معبر في الوقت ذاته لفضيلة السيد رئيس مؤسسة سوس للمدارس العتيقة والسادة اعضائها وكل هياكلها العاملة، عن تهانيه الحارة المشفوعة بباقات الشكر والثناء على ما بذلوه من جهد طيلة الأسبوع الماضي والذي كان وراء النجاح الباهر والمتميز الذي عرفته هذه الدورة التي نظمت تحت عنوان "الانسان بين الحقوق والواجبات ".

حضرات السيدات والسادة، ان النجاح الباهر الذي تميزت به هذه الدورة كان نتيجة لمجموعة من العوامل تمثلت بالخصوص في الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لفعالياتها، وهي رعاية سامية حانية بانية تطول بأرنيتها الفضلى وألويتها المثلى المدارس العتيقة وشيوخها وطلبتها وكل العاملين فيها لما لهم من دور كبير في استثباب الأمن الروحي في المغرب ولدى المغاربة، ولاسيما ما تتسم به من تدين وسطي سمح كريم أصبح علامة فارقة ترغب الكثير من الأمم أن تأخذ حدوه وتسير على منواله، موضوغ هذه الدورة هو الانسان بين الحقوق والواجبات وهو موضوع راهني وذو أهمية قصوى، القيمة العلمية والفكرية للمواضيع التي تناولتها الندوات المقامة بهذه المناسبة على مدار أسبوع كامل، قيمة ووزن المشاركين الذين ينتمون كلهم الى ثلة من الأساتذة الجامعيين والباحثين المتميزين والمرموقين والذين بذلوا جهودا كبيرة في تناول المواضيع التي تكرس اليهم وأعدوا بحوثا في أعلى المستويات، المشاركة الوازنة للمدارس العتيقة العلمية المساهمة في فعاليات هذه الدورة من جميع ربوع المغرب والتي كانت مناسبة للتواصل والتلاقح والتبادل بين شيوخ هذه المدارس وطلبتها، الاشعاع الاعلامي المرئي والمسموع والمكتوب الذي واكب هذه الدورة والذي لازال متواصلا مظهرا مدى الشغف الذي تثيره المدارس العتيقة ومناهجها وأنشطتها، الدعم المهم الذي تحظى به هذه المؤسسة الفريدة من نوعها على المستوى الوطني من طرف كل الجهات والهيئات التي لم تبخل قط ولم تتردد أبدا عن مد ما يلزم من دعم ومساعدة مادية كانت أو لوجيستيكية من أجل تنظيم مختلف أنشطة هذه المؤسسة، وفي ختام كبمته اكد السيد الكاتب العام مرة أخرى على شكره لرئيس مؤسسة سوس للمدارس العتيقة وعبره كل مكونات مكتب المؤسسة الذين نعتز بهم جميعا وننوه بالمجهودات التي يبذلونها من أجل انجاح كل المواسم والأنشطة التي تقوم بها هذه المؤسسة، كما تقدم بالشكر الجزيل كل المساهمين والداعمين من هيئات منتخبة ومصالح ادارية وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين على دعمهم المتواصل واللامشروط والذين يرجع لهم الفضل في انجاح مثل هذه التظاهرات المتميزة طالبين منكم المزيد من العطاء والمساعدة لما فيه خير لهذا الوطن العزيز.


اما الدكتور عبد العالي المزواري عن المدرسة العلمية " الحاج الريفي " بالرباط، في كلمته بناسبة اختتام فعاليات الموسم السنوي للمدارس العتيقة. فقد اشار على ان اللحظة لحظة تختلط فيها مشاعر الوداع بالامتنان، والسكينة بالحمد، نرفع باسم مشرفي مدارس التعليم العتيق أسمى آيات الشكر والثناء لمقامكم الكريم، ولكل من أسهم في إنجاح هذه الدورة العاشرة، التي نُظِّمت تحت الرعاية المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وجعلها الله مباركة في الأثر، مثمرة في المآل.


يقول الدكتور عبد العالي المزواري، " لقد كانت أيامًا علمية وتربوية وروحية عامرة، التأم فيها شمل مدارسنا العتيقة في هذا الموسم المبارك، حول مائدة علمية وموضوع محوري بالغ الأهمية: “ الإنسان بين الحقوق والواجبات ”،
وهو موضوع يُعبّر عن وعي مؤسسة سوس للمدارس العتيقة بالسياق الحضاري والشرعي الذي يحكم البناء المتوازن للإنسان، ويعيد التذكير بدور العلماء والمؤسسات الدينية في ترسيخ معاني الاعتدال، وإحياء فقه المسؤولية ".

واضاف قائلا " لقد تابع الجميع، خلال هذا الموسم، جلسات علمية رصينة، ومحاضرات ذات عمق معرفي وتربوي، تميزت بحضور وازن لأعضاء المجلس العلمي الأعلى، ونخبة من العلماء الباحثين، ومشاركة فعالة من طلبة المدارس العلمية العتيقة من مختلف أقاليم المملكة، مؤكدا على أن التفاعل الذي شهده الموسم، والحيوية التي طبعت مداخلاته، إنما تعبّر عن ما تشهده هذه المؤسسات من وعي متجدد برسالتها، وقدرتها على مواكبة قضايا الإنسان والمجتمع، ضمن الثوابت المغربية الراسخة ".

الجلسة الختامية عرفت قراءاة ايات بينات من الذكر الحكيم إلقاء قصيد شعرية، كما عرفت تكريم عدد من الوجوه التي كانت لها الدور الهام والفعال في انجاح الموسم على جميع الاصعد، ثم الختم بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وللاسرة الملكية الشريفة.