محمد بنيس يفتتح البرنامج الشعري والثقافي لدار الشعر بمراكش

متابعة الأحد 20 أبريل 2025
No Image

 

نظمت دار الشعر بمراكش، بتنسيق مع ماستر "الآداب الفرنكفونية والمقاربة" وشعبة الدراسات الفرنسية بكلية الآداب بمراكش، لقاء خاصا مع الشاعر والناقد المغربي الكبير محمد بنيس ضمن برنامج "الإقامة في القصيدة"، يوم الخميس الماضي 17 أبريل الجاري ، في افتتاح برنامجها الشعري والثقافي.

وشهد هذا اللقاء، الذي عرف حضورا وازنا لجمهور من النقاد والباحثين والشعراء والطلبة الباحثين، تقديم مداخلتين استقصتا عوالم الكتابة والترجمة في تجربة الشاعر الكبير محمد بنيس، كما توج اللقاء بتقديم قراءات شعرية للشاعر محمد بنيس برفقة مترجمه، الى اللغة الفرنسية، الباحث والشاعر عبدالغني فنان.

وعبر الشاعر محمد بنيس عن سعادته للعودة الى مدينة مراكش العامرة، هذه المدينة الزاخرة بثقافتها، والتي تظل منارة وأيقونة مشعة، بما تزخر به من غنى وحضور في مشهدنا الثقافي المغربي والعربي والعالمي. وقدم الأستاذ الباحث الدكتور سمير بوزرارة، رئيس شعبة الدراسات الفرنسية بكلية الآداب، كلمة ترحيبية بالشاعر محمد بنيس، معتبرا اللقاء لحظة معرفية استثنائية نظرا لمكانة الرجل وعطاءاته طيلة عقود. فيما توقفت ورقة الشاعر والمترجم الدكتور عبدالغني فنان، منسق الماستر، عند سياقات ما يطرحه النص الشعري لبنيس على مستوى الانتقال والعبور بين لغة وأخرى، ضمن ترجمة تسعى أن تحاور نصا مشبعا بالمعرفة.

واستقصت مداخلة الشاعر والإعلامي، عبدالحق ميفراني عوالم أسئلة القصيدة والكتابة في تجربة محمد بنيس، في الحاجة لإعادة تمثل وقراءة هذا المنجز الشعري والنقدي المتحول، والمنفتح دوما على فعل المقاربة والأسئلة. ويعتبر ميفراني أن "رحلة محمد بنيس، ضمن تقاطعات عمودية جمعته بالقصيدة، هي رحلة تبدأ وتنتهي ثم تبدأ من جديد، عود أبدي بما يصاحبه من تشذيب وحفر ومحو وإعادة الكتابة. بحثا عن روح القصيدة وزمنها، يشكل بنيس مسارا متجددا، وبعدا عميقا بما يجعل من القصيدة قصيدة تتحقق بالفعل، حيث تمتد غابة الأسرار وإحساس مضاعف بالقلق والسؤال، بهذا الحس التجريبي كان رهان بنيس الشعري والكينوناتي". إن "الصورة التي يمكن أن نلملمها عن الشاعر والناقد بنيس" هي "جزء من الصورة الأعم والأشمل، زمن القصيدة وأسئلة الشعر المغربي والعربي والإنساني".

أعاد الشاعر محمد بنيس التأكيد أنه ظل وفيا لإرادة التعلم، والاستفادة من أراء الآخرين منفتحا على المعرفة في تجليها المتعدد. الشاعر الكبير، والذي تم الاحتفاء بتجربته الرائدة وتكريمه من طرف الألكسو الى جانب نخبة من أعلام الثقافة العربية، اول أمس الجمعة 18 أبريل الجاري  ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر في الرباط بمناسبة الاحتفاء باليوم العربي للشعر، أعاد التذكير بالثوابت التي جعلته يخط هذا المسار الطويل في رحلة الكتابة والأسئلة، على اعتبار أنه عايش الحركة الشعرية العربية الحديثة، في مساراتها المتعرجة. عن قصيدته التي اختارت العزلة وأسئلة الحرية والتحرر، وعن الجمع بين الممارستين الشعرية والنظرية.. اختيار واع لقيمة الشعر الجمالية، ويقظة الصمت، فمكان المقاومة هو مكان القصيدة حيث اختارت تمجيد الحياة. والشاعر عموما، يشير بنيس، تظل رغبته ملحة للاحتفاء بالحياة ومجازاتها.. هذا ما تكتبه القصيدة على لسان الشعراء، رغم ما نعيشه اليوم من تحولات "تنهش" القيم الكبرى للإنسانية. وتظل الكتابة الشعرية آسرة في انفتاحها على فعل الاختراق، تلك الدهشة التي تخلقها القصيدة، الأثر.

يعتبر الشاعر محمد بنيس أحد رواد وأهم شعراء الحداثة في العالم العربي، نشر قصائده الأولى سنة 1968، وأصدر ديوانه الأول "ما قبل الكلام" سنة 1969، نشر أكثر من أربعين كتاباً، منها خمسة عشر ديواناً شعرياً، والأعمال الشعرية (في مجلدين)، ومختارات شعرية، ونصوصاً، ودراسة عن الشعر المغربي المعاصر وأخرى عن الشعر العربي الحديث (في أربعة مجلدات)، والأعمال النثرية (في خمسة مجلدات) ومترجمات وأعمالاً مع فنانين من المغرب والعالم العربي وفرنسا وأمريكا واليابان، في صيغة كتب وحقائب فنية. كما شارك في مهرجانات شعرية وندوات ثقافية عربية ودولية، وتمت ترجمة شعره إلى العديد من اللغات. وقد حصل الشاعر والناقد محمد بنيس على العديد من أرفع الجوائز الأدبية المغربية والعربية والعالمية.

في الفقرة الثانية من برنامج الإقامة في القصيدة، قرأ الشاعر محمد بنيس قصائد من تجربته الشعرية الحديثة، فيما قرأ الشاعر عبدالغني فنان الترجمة الى اللغة الفرنسية. حوار بين الألسن واللغات، وسفر للنص وعبور نحو مجازات متعددة. حضور الشاعر محمد بنيس في مدرج كلية الآداب بمراكش، وفي ضيافة دار الشعر والشعراء بمراكش، نسج لحظة شعرية وثقافية استثنائية خطت تاريخها بما أحدثته فرصة اللقاء، بأحد أيقونات الشعر والثقافة العربية اليوم، والذي ظلت تجربته ترسو على بعد خاص، حيث القصيدة، بالنسبة إليه جهد معرفي لا ينتهي.