في ميناء البيضاء!

بقلم: المختار الغزيوي الاثنين 21 أبريل 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

في ميناء البيضاء، هناك سفن ترسو، وسفن تعبر، وسفن تمر، وأخرى لا تدخل أصلا.

في ميناء البيضاء، هناك أكاذيب يطلقها سيئو نيات، ويصدقها صغار عقول، يبدون كل مرة قدرتهم على تصديق مالايصدق بشكل غريب ومدهش، وعجيب.

قال الكاذب للراغب في الإنصات إليه "سترسو سفينة في الدار البيضاء تحمل السلاح الذي قصف به نصر الله والسنوار وحتى أبو جهاد في تونس منذ سنوات عديدة، بل وتحمل أيضا كاتم الصوت الذي قتل به ناجي العلي، "أبو حنظلة"، وهو يحاول رسم الكاريكاتير المستحيل لهذه الأمة الكاريكاتورية".

أجاب المستمع غير المفكر، القائل الكاذب "داخلنا عليك بالله؟"، فرد عليه الكذاب الأشر "لهلا يجعلك فين تتيق، الله يرزيني فصحتي يلا كذبت عليك".

اتفقا معا بعدها، القائل النصاب ومن يقال له الكلام فيصدقه، على النزول نحو "البور"، ففي أسوأ الحالات، وإذا لم يستطيعا تحرير فلسطين بالكامل من هناك، وإلقاء كل أعدائهم في مياه الميناء، فسيأكلان "مقيلة"، من تلك التي تبرع فيها مطاعم المرسى البيضاوي، وسيعودان ببطن ممتلئة إلى المنازل، في ظل وجود عقل غير قادر على التخلص من الفراغ.

من وقف في الميناء يومها؟ وماهي البواخر التي رست؟ ومانوع البضائع التي كانت تعبر؟ وإلى أي وجهة هي سائرة؟ وهل حقا تتضمن ماقيل إنها تحمله؟ أن أنه الكذب (الحلال) من أجل مزيد من التجييش الجاهل للناس؟

كل هذه الأسئلة مهمة، لكن الأهم منها أن المغربية والمغربي يعرفان المراد الفعلي من الحركة، لذلك نزل فقط من ألفوا النزول مع بعضهم البعض، لأنهم قرروا هذه المعركة ضد وطنهم رغم أنهم يعلمون بقدر فلسطين لديه، ويعرفون أنه ليس ضدها، لكنهم لايجدون مطية أخرى يركبونها غير تلك الأرض المباركة والمسكينة.

أما أغلبية الشعب المغربي، فذكية، وتطرح الأسئلة الفعلية، وتبحث عن المنطق و "اللوجيك" قبل أي تحرك، لذلك علمت أنهم يكذبون، ولذلك تركتهم في باب الميناء وحدهم، (قطرة غبية في بحر نبوغ مغربي كبير)، يصرخون، ويلعنون كل السفن الداخلة والخارجة دون قدرة على التمييز بينها، بل ويسبون حتى بعض "الفلوكات" الصغيرة والحزينة التي كانت تحمل سمكا قليلا في ذلك المساء، والتي كانوا يتخيلونها تحمل القنابل النووية في اتجاه القدس والنواحي.

الرسالة التي وصلت من كل هذا هي أن لدى البعض، هنا في المغرب، الاستعداد للتحالف مع الكذب، ومع كل شياطين وشهود الزور من أجل إثارة الفتنة.

والرسالة الأخرى تقول إن هناك جهات تلقت الضوء الآخر، بل وصلها الأمر بإعادة تجريب عضلاتها المترهلة ضد الوطن، رغم أنها قامت بالأمر مرارا وتكرارا، وتلقت الصفعات تلو الصفعات، لكنها لاتستطيع رفض توجيهات "الجهات المانحة".

رسالة ثالثة تقول إن فاقد العرض السياسي الرصين لايمكن أن يعطيه، ومن لايمتلك شيئا حقيقيا يتقدم به للمغاربة في الانتخابات المقبلة، يملك فلسطين لكي يزايد بها، ويملك لسانه الطويل، رفقة ذراعه القصير، لكي يجعلهما أوراقا انتخابية يرميها فوق الناس أيام الحملة، وهو يقول "وقعت مكرها على ماوقعت عليه، ولم أكن في كامل وعيي، أما الآن فقد صحوت، وهاأنا أحمل الآن بكارتي بين يدي، وأطلب منكم رتقها جماعة رجاء".

أما الرسالة الرابعة فتقول بأن بيننا من يلزمه مجددا إبراء الذمة فعلا، وبيننا من يطرح السؤال حول دواعي تحركه وثمنها، وبيننا من لانريد تخوينه لكنه يصر على تخوين نفسه بنفسه مادام يشتغل ضد البلد بهذا الشكل الصارخ والصريح، وبيننا أساسا مؤلفة جيوبهم، أسميناهم هكذا منذ زمن بعيد، وأعاد القوم بعدنا التسمية، لأنها الحقيقة، ولأن هاته الفئة لاتعبد إلا جيبها، ولايهمها من أين يأتي امتلاؤه والصبيب، وبيننا أخيرا رأي عام مغربي ذكي لاينجر وراء هذه الأكاذيب المفضوحة، ويترك كل مرة مطلقيها في الشارع وحدهم، يتساءلون "واش ماكانتش السلوقية هربانة بزاف هاد المرة أكثر من القياس".

المهم، غنى جاك بريل "في ميناء أمستردام"، وتركها لنا خالدة، وهاهم أتباع الطوفان والحالمون لنا بكوابيس تشبه مآسي الشرق المريض يغنون "في ميناء البيضاء"، مع الفارق المهول طبعا بين المبدع الأصيل الخالد، وبين هؤلاء الكذبة الناضبين من أي خيال، والذين لايعرفون القيام بشيء، بل ولايعرفون حتى كيف يكذبون..