الدفع بعدم دستورية القوانين: لقاء تواصلي يكشف آفاق الرقابة الدستورية الجديدة بالمغرب

رشيد قبول الأربعاء 23 أبريل 2025
اللقاء التواصلي
اللقاء التواصلي

احتضن رواق وزارة العدل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب الاثنين 21 أبريل 2025، لقاء تواصليا حول "الدفع بعدم دستورية القوانين"، وهو اللقاء الذي أضاء زوايا موضوع قانوني ودستوري بالغ الأهمية، وشارك فيه نخبة من الباحثين والخبراء، إذ عرف حضور جماهيري لافت.

اللقاء الذي أداره "عبد الرزاق عريش"، رئيس قسم الدراسات بمديرية التشريع، شارك فيه كل من المحامية "زينة إدحلي"، عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، ود. "علال عبد الرحمان"، الباحث في القانون الدستوري، و"كريمة غراض"، الباحثة في العلوم السياسية.

إجراء دستوري لحماية الحقوق والحريات

في مداخلتها، قدمت ذ. زينة إدحلي عرضا مفصلا حول الشروط الشكلية والموضوعية لتقديم الدفع بعدم الدستورية، مؤكدة أن هذا الإجراء لا يُقبل أمام المحكمة إلا إذا تم تقديمه عبر مذكرة كتابية مستقلة عن الدعوى الأصلية، وتستوفي عددا من البيانات والإجراءات القانونية الدقيقة، أبرزها توقيع المذكرة من طرف محامٍ مؤهل، وتحديد النص التشريعي المطعون فيه، وأن يكون هذا النص مطبقا فعليا أو يُراد تطبيقه في القضية المعروضة. كما شددت على أهمية إرفاق المذكرة بالوثائق المطلوبة، مشيرة إلى أن هذه المقتضيات تُعد ركيزة لتعزيز المسار الديمقراطي وتكريس الرقابة الشعبية على القوانين.

الدستور حامٍ للقانون... والقانون أداة للأمة

من جهتها، ربطت الباحثة "كريمة غراض الدفع بعدم الدستورية بالسياق الدستوري والسياسي المغربي، موضحة أن دستور 2011 أولى للقانون مكانة سامية بوصفه تعبيرا عن إرادة الأمة، ما يجعل من الرقابة على دستوريته ضمانة لعدم انحرافه عن هذه الإرادة. وأكدت أن الدفع بعدم الدستورية، المنصوص عليه في الفصلين 133 و134 من الدستور، يُعد تطوراً نوعياً في علاقة المواطن بالقانون، ويُسهم في "تنقية القوانين من عيوب الدستورية"، مما يعكس نضج الوعي الحقوقي وتقدم الإرادة السياسية في هذا المجال.

كما نوهت بدور وزارة العدل في إتاحة فضاء عمومي لمناقشة هذا الموضوع، معتبرة أن صدور القانون التنظيمي 86.15 جاء لتعزيز المكتسبات الديمقراطية، باعتباره إحدى ثمار المشاركة الشعبية في التشريع.

مقارنة دستورية وتجارب دولية

أما الباحث "علال عبد الرحمان"، فقد أعاد التأكيد على أهمية الدفع بعدم الدستورية كأداة رقابية مستحدثة في التجربة الدستورية المغربية، مستعرضا بعض التجارب الدولية التي تبنت هذا المبدأ، مع اختلافها في التفاصيل الإجرائية، مثل نطاق النصوص القابلة للطعن، وعلنية الجلسات، ومدى توسع صفة الدفع.

واعتبر أن القانون التنظيمي المغربي يُمثل خطوة متقدمة من حيث دقة تنظيمه ووضوح مقتضياته، مشيراً إلى أن هذا التطور التشريعي يفتح الباب أمام اجتهادات قضائية ودستورية ستُسهم في ترسيخ دولة الحق والقانون.

تفاعل جماهيري

وقد عرف اللقاء حضورا جماهيريا نوعيا من باحثين وطلبة وفاعلين حقوقيين، أبدوا تفاعلا كبيرا مع العروض المقدمة، وطرحوا مجموعة من الأسئلة والإشكاليات، أجاب عنها المتدخلون بكل انفتاح ووضوح، في أجواء طبعتها المهنية والعمق العلمي.

وشكل هذا اللقاء مناسبة لإبراز أهمية الدفع بعدم الدستورية، ليس فقط كآلية قانونية تقنية، بل كأداة ديمقراطية تُرسّخ رقابة المواطن على التشريع، وتُجسد روح الدستور المغربي الذي يضع حماية الحقوق والحريات في صميم فلسفته.