تبرعات البيجيدي.. فقر معلن وثروة مخفية

أحداث أنفو الجمعة 25 أبريل 2025
No Image

يستعد حزب العدالة والتنمية لعقد مؤتمره الوطني التاسع وسط جدل مرتبط بالوضعية المالية لهذا الحزب الذي يقول أن خزائنه وأن وزارة الداخلية لم تسلمه الدعم، مما اضطر أمينه العام، عبد الإله بنكيران، لإطلاق لجمع التبرعات.

غير ان المثير للأسئلة والسخرية، في نفس الوقت، هو أن هذا الحزب الذي يدعي الفقر وضيق الحال يتوفر على وعاء عقاري في قلب العاصمة الرباط، تفوق مساحتها الثمانية آلاف متر، وتبلغ قيمته الملايير.

فكيف يعقل أن يقبل تنظيم سياسي "التماس الصدقات" في حين أنه بملك ثروة عقارية قادرة على تغطية نفقاته لسنوات؟

واللافت في هذا السلوك أنه يكشف تناقضا صارخا بين الخطاب والممارسة، وهو أمر لم يعد غريبا لدى هذا الحزب الذي يدعي أنه يدافع عن مبدا النزاهة والاستقلالية المالية، ومع ذلك لم يلجأ إلى حلول من قبيل رهن أو بيع جزء من عقاراته لتغطية تكاليف مؤتمره، عوض اللجوء إلى جيوب أعضائه والمتعاطفين معه؟

ألا يعتبر هذا نوعا من التناقض مع القيم التي طالما رفع الحزب شعاراتها في حملاته الانتخابية؟

ثم إن المسألة لا تتعلق فقط بالجانب المالي، بل كذلك بالشفافية والمحاسبة، فالممتلكات العقارية للمؤسسات الحزبية ليست أسرار شخصية، بل جزء من المال العام الحزبي الذي يفترض أن يكون خاضعا لمبدأ تدبير رشيد ومسؤول.

فهل سبق وان قدم الحزب حسابا دقيقا عن ثرواته وكيفية تدبيره لموارده؟ وهل هناك تقارير مالية منشورة تبرر هذا الوضع الذي يدّعيه؟

الواقع أن هذا السلوك يزيد من تآكل الثقة في الحزب المذكور، ويعطي انطباعا بأنه يحترف خطاب الضحية ويعيش بتسويق المظلومية ليغطي عن إخفاقاته الأيديولوجية وحروبه الداخلية.

وبالتالي يمكن القول أن إخفاء حجم الثروة وحفظها لـ"دواير الزمان"، يتعارض مع التدبير المالي العصري ويضرب سؤال الشفافية لدى الاحزاب المفروض فيها ان تكون قدوة في تقديم كشف المحاسبة.

وفي النهاية، فإن الأزمة الحقيقية لحزب العدالة والتنمية تبدو أبعد من مجرد ميزانية عجزت عن تغطية نفقات مؤتمر، بل هي أزمة رؤية، وثقة، وعدم قدرة على المصارحة مع الذات ومع الرأي العام، فالفقر حين يكون خيارا سياسيا، يصبح مدعاة للشك وليس للتعاطف.