تحتضن مؤسسة دار الحديث الحسنية، ندوة دولية في موضوع "تراث الأديان الكتابية في المغرب والأندلس"، التي تروم إبراز دور التنوع الديني والثقافي في بلاد المغرب والأندلس في تقدم المجتمع، مع إظهار نوع الأثر والتأثر الحاصل بين مختلف أتباع الأديان الكتابية..
وتشير أرضية الندوة الممتدة يومي 29-30 ماي، إلى اختيار العمل على إبراز قيمة التراث الديني الكتابي ببلاد المغرب والأندلس، في شقه الفقهي والصوفي والفلسفي واللاهوتي واللغوي، إضافة للعمل على مراجعة هذا التراث ونقده وتحقيقه والاستفادة منه، مع بيان كيفية تلقي علماء اليهودية والمسيحية للفكر الإسلامي، واستنباط قيم التعايش السلمي والحوار الحضاري، وقيم النقاش العلمي الهادف، وكيفية تدبير الخلاف العقدي بين مختلف الأديان
وعلى امتداد يومين، تناقش الندوة الدولية محاور مهمة ترتبط بالقضايا المنهجية الكبرى في دراسة الأديان الكتابية بالمغرب والأندلس، ومساهمة الأعلام اليهود والمسيحيين في نقل المعارف الدينية، حيث ينسجم موضوع الندو مع عناية المسلمين عموما منذ القرون الأولى بالأديان دراسة ونقدا ومراجعة، وذلك انسجاما مع ذكر القرآن لأديان الناس ومعتقداتهم ومناقشتهم مناقشة عقلية وعلمية، مع الاعتراف بأصلها الإلهي المنزل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وأشارت ديباجة الندوة، أن القرآن نص على حرية الاعتقاد، بعد أن بين عدم صحة كثير من العقائد السائدة وقدم بدائله العقدية والأخلاقية تاركا للناس حرية الاعتقاد، دون أن يؤثر الأمر في حقهم في العيش وممارسة معتقداتهم، بعد أن أمنهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وضمن لهم حقوقهم المدنية والاجتماعية كما هو ثابت في وثيقة المدينة.
وتسلط محاور الندوة الضوء على خصوصية بلاد المغرب والأندلس منذ دخول الإسلام ، حيث كانت تقبل المخالفين وتعدهم مكونا من مكونات المجتمع، وعنصرا من عناصر تقدمها وتطورها، ما ساهم في بروز أعلام من مختلف الديانات كان لهم دور في بناء بلاد المغرب والأندلس، وهو ما توثقه عدد من المؤلفات التي عكست مستوى متقدم من الحرية الفكرية والعقدية، حيث كانت كل طائفة تدافع باستماتة على معتقداتها وخصوصيتها الدينية حتى لا تنصهر في ثقافة الآخر وإن كانت تتعايش معه، وفق ما تشهد عليه نصوص نقدية ومراجعات للتراث، مع احترام مبدأ الموضوعية العلمية، واحترام مشاعر المخالف وضمان حقه في الاختلاف.
و حرص المشاركون في الندوة على تسليط الضوء على تراث المغرب والأندلس الذي يزخر بكتب إسلامية ويهودية ومسيحية تعكس ما وصل إليه المجتمع المغربي على المستوى الثقافي والاجتماعي والفكري، مع استحضار التغيرات الجذرية التي عرفتها المنطقة بعد سقوط غرناطة سنة 1492، حيث أصبحت الكفة لصالح المسيحيين بعد أن كان اليهود والمسلمين أصحاب أرض، وهو ما انعكس في الكتابات التي أصبحت فيها الكتابة لدى اليهود والمسلمين أكثر دفاعا بعد تمكن الوضع للمسيحيين.
ويرى القائمون على الندوة الدولية، أن الإنصات إلى الحوار الحضاري الذي ظل قائما بين أتباع الأديان في الغرب الإسلامي وتخومه المسيحية، كان جزء منه معلن والبعض خفي، إلا أن وهجه لم يخب سواء أيام السلم أو الصراعات السياسية والاجتماعية، ما يجعل من العمل على مسألة الحوار اليوم ضرورة لمزيد من الفهم وإغناء التصورات والتجارب الروحية واثراء العلوم النقاش بين أتباع الأديان.