أعجب حقا للثلاثي الخياري، أحرار، وبوطازوت، لجنة تحكيم برنامج «ستاند آب»، الذي ينقب عن المواهب الكوميدية الصاعدة في بلادنا، كيف مروا قرب كل هاته الفكاهة ولم ينتقوها من أجل العبور من برنامجهم، وتتويجها في الختام بذلك النصيب، وتلك «القسمية» من المال التي تعطى لكل فائز بهذا البرنامج كل عام.
أتحدث عن حوار أو محاورة، أو حديث، أو جلسة أو «كليسة مع»، أو «هيا لنقرقب الناب معا»، الذي شاهدناه هذا الأسبوع، والذي عبره سياسي (نصف متقاعد) هو رجل متقدم في السن، وكنا نعتقده في المقام كذلك، لكن اتضح أننا واهمون في هاته، وضع نفسه مجددا في «موقف بايخ» جدا، وهو يقبل القيام بعملية النزول هاته نحو السفح، دون حصارات ولا فرامل، ولا كوابح، ولا أي شيء صالح للإيقاف والتوقيف مما يستعمله أهل العقل والكياسة والسياسة، لكي يمنعوا أنفسهم من الوقوع في شر أعمالهم.
وحقيقة لا عذر للقناتين الأولى والثانية، خلال الشهر الفضيل المقبل إن هما عجزتا عن إضحاكنا مجددا، لأن الوجبة جاهزة، ولأن الموهبتين حاضرتين، ولأن الضحك مضمون والرزق على الله.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
ولن ننصت مجددا لهواة الدراما والراغبين في «التنكيد» علينا الذين قالوا إن هذا المستوى من الحديث هو فقط دليل على القفزة الكبرى في الفراغ التي قام بها الإعلام في المغرب، والتي نسي خلالها وهو يقفز بكل قواه أن يحتفظ على الأقل بسروال داخلي أخير يستر به العورة، ويداري من خلاله الضعف، ويحاول به التمثيل مزيدا من الوقت على السادة المشاهدين.
لا، نحن نرفض هنا والآن سماع هذا الكلام، لأننا حذرنا قبل الجميع، وقبل الوقت بوقت طويل، من هذه «الحموضة» القادمة إلى سيتكوم السياسة والصحافة في البلد، لكن السادة المشاهدين كان لهم رأي آخر، وشجعوا بكل ما يمتلكونه من تصفيق وحماس، هذا النوع من الكوميديا.
والآن «ها حنا فيها»، وأصبح «الضحك فيما كاملين»، ومن قرروا فتح هذا المجال لكل من هب من فراشه، ودب على الأرض، وقالوا للثلاثين مليونا ويزيد التي يتكون منها شعبنا «أنتم كلكم صحافيون وصحافيات، فلا تخشوا من شيء، فإنه (ما صعيب غير البدو)»، نجحوا في المسعى وحققوا لنا الأمنيات.
لذلك لا اعتراض، كالعادة، بل التسليم الكامل وقبول القضاء بخيره وشره، ومحاولة النظر إلى الجزء المليء من الكأس كالعادة، وهذا الجزء يقول لنا إننا عثرنا على مادة كوميدية حقيقية لملء شهر الصيام والقيام، خلال فترات الترويح عن النفس فيه، ولا عذر لقنواتنا إن هي نكصت عن القيام بهذا الأمر، وتوقيع عقد مع المضحكين، دون المرور من طلبات العروض ودفاتر التحملات ولجان الانتقاء وبقية الأمور البيروقراطية، لأن الضحك مضمون من الآن.
«شفتي فين وصلنا؟»، يقول أحدهم، فيعاجله الثاني بالرد «وصلنا لداكشي اللي بغيتو، ومازال ما شفتي والو».
الخير أمام. تذكروها جيدا يا قوم: الخير أمام، لأن «هاد الشي ديال الضحك» لا يقبل الهزل أبدا، وهو عندما يبدأ لا ينتهي، وغالبا تغمره دموع كثيرة في الخواتيم.
«عقلوا على هضرتي... خوتي المغاربة، فهمتيني ولا لا؟».