منتصر حمادة: القرار الملكي حول الأضحى يعكس فرادة النموذج المغربي في تدبير ثنائية الدين والاجتماع

بنزين سكينة الخميس 27 فبراير 2025

حالة من الارتياح أعقبت رسالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس، ليلة الأربعاء 26 فبراير 2025، والتي نزل فحواها المرتبط "بعدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد" ، بردا وسلاما على فئة عريضة من المواطنين المغاربة الذين أثقلت المعيشة جيوبهم، وحملوا باكرا هم تدبير مبلغ عيد الأضحى المبارك الذي يحظى في بيئته المغربية بمكانة خاصة يتداخل فيها الديني بالمجتمعي، إلا أن غياب شرط "الاستطاعة" تحول لما يشبه الكابوس الذي يدفع عددا من الأسر نحو دوامة تأمين مبلغ الأضحية خارج حدود الاستطاعة، ما يتسبب سنويا في تسجيل عدد من الحوادث المحزنة المعلن عنها، ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي تمتد آثارها في صمت بين الأسر الفقيرة المعنية أكثر من غيرها بهذا القرار.

وأظهرت ردود الفعل المجسدة لموجة الارتياح بين صفوف الأسر، الأثر البالغ للدور المحوري الذي تمثله إمارة المؤمنين كمؤسسة متفردة قادرة على تدبير القضايا التي يتقاطع فيها الديني بالاجتماعي، بكل التبعات المصاحبة لهذه القضايا على المعيش اليومي للمغاربة، وفي هذا الإطار، أكد الكاتب والباحث في القضايا الدينية، منتصر حمادة، أن "هذه ليست المرة الأولى التي تتضح فيها للرأي العام المحلي والأجنبي أهمية ودور مؤسسة إمارة المؤمنين، ما يؤكد مرة أخرى فرادة هذا النموذج المغربي في تدبير ثنائية الدين والاجتماع، وبالتالي تدبير ثنائية الدين والسياسة، إلى درجة جعلت منه حالة خاصة في المنطقة إن لم نتحدث عن حالة خاصة في محور طنجة جاكارتا."

واستحضر الباحث حمادة  في تصريح لموقع "أحداث أنفو"، بعضا من المحطات الفارقة في مغرب العقود الأخيرة التي كان فيها لإمارة المؤمنين دورا فاعلا وحاسما لإعادة الأمور لنصابها،  حيث أشار إلى "الاحتقان المجتمعي الذي عرفه المغرب منذ عقدين ونيف على هامش التفاعل السياسي والديني مع مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، إلى درجة أنه عرف صدور أصوات نقدية تقترب من مقام "التكفير الديني في مقابل التكفير السياسي"، حسب تعبير شهير صدر حينها عن الباحث محمد ضريف، مع ما رافق ذلك من تنظيم مسيرات كبيرة في كل من الدار البيضاء والرباط، إلى أن تدخلت مؤسسة إمارة المؤمنين، لتعلن عن تشكيل لجنة ترأسها الراحل امحمد بوستة، قصد التفكير الجماعي في تعديل بنود مدونة الأسرة، وهو ما تحقق بعدها في خطاب ملكي أمام أعضاء المؤسسة التشريعية، مع عبارة صريحة مؤرخة في أكتوبر 2003 جاء فيها أنه "لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين ان أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله"، ليتم مباشرة بعد ذلك الإعلان الجمعي عن إنهاء ذلك الاحتقان."

وأكد الكاتب منتصر حمادة، على أهمية الفاعل الديني كمرجعية كبيرة في تغذية النقاشات المجتمعية المرتبطة بثنائية الدين والاجتماع، سواء تعلق الأمر بالواعظ في المؤسسات الدينية والمنابر الإعلامية أو خطيب الجمعة، مضيفا أنه" في الحالة المغربية، تبقى الريادة لمؤسسة إمارة المؤمنين، ليس بمقتضى الوثيقة الدستورية وحسب، فهذا جزء من المشهد الفسيفسائي، وإنما أيضا بمقتضى العرف والاجتماع والتاريخ، ويكفي إلقاء نظرة عابرة على التفاعل الإيجابي في مواقع التواصل الاجتماعي منذ أمس الأربعاء 26 فبراير 2025 مع القرار الملكي الذي يهيب بالمغاربة عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى، حتى يتوصل المتأمل إلى خلاصات صريحة حول دور وثقل مؤسسة إمارة المؤمنين في الاجتماع المغربي."