لغزيوي بكتب: مهمة في تل أبيب !

بقلم: المختار الغزيوي السبت 22 مارس 2025
IMG-20250322-WA0115
IMG-20250322-WA0115

لأفلام الجاسوسية مكان أثير في المخيال الجماعي، ولها أثر كبير على الناس التي تتفاعل مع أبطالها، والتي تتخيل نفسها في لحظات التيه وهي تشبه هؤلاء الأبطال وهم يندسون في البلدان الأخرى، ويقومون، متخفين، بالمهام عوضا عن بلدانهم التي يشتغلون لديها في الحقيقة.

آخر فيلم، أو في الحقيقة آخر "سيتكوم" عن الجاسوسية هو ذاك الذي تدور رحاه في بلادنا وعلى أرضنا، وأبطاله على مايبدو يوجدون في فيلا بالرباط، تضم المجلس الوطني للصحافة.

هؤلاء الأبطال تكلفوا عوضا عن دولة إسرائيل بالقيام بمهمة القضاء على أحد أبطال الخرافات الشعبية في الوطن.

علي بابا، أو سندباد، أو دون كيشوتي، أو زورو، أو سوبرمان، أو من شئتم وماشئتم من "السوبر هيروات"، الذين أكثروا على الدولة العبرية حتى غلبوها، مثلما لم يغلبها أبوجهاد والبقية في زمن سابق، فقررت تكليف كوماندو إنتحاري بقيادة الزملاء مجاهد والحري والورياغلي والسلهامي والبقية لكي ينوبوا عنها في هذا "البريكول".

الخطة سهلة ومبنية على التالي: يتسلل الكوماندو إياه تحت جنح الظلام، بعد أن يكون قد تلقى التعليمات من رأفت الهجان و جيمس بوند و "الدراري" ويقضي على البطل الخارق، ثم يمتطي الزورق على ضفاف أبي رقراق أو الأطلسي (بحال بحال) ويفر مسرعا إلى الديار.

ليس مطلوبا الإتيان بالجثة، إذ الأساسي قضاء الغرض والسلام.

بعد العودة، سيعقد الكوماندو ندوة صحفية، ستبث بالضرورة عبر "لايف" من اللايفات المضحكة الكثيرة التي غزت المشهد والتي يقال عن كل واحد منها إنها "حلقة للتاريخ…خوتي المغاربة"، وفي الندوة سيكشف الكوماندو تفاصيل العملية المشتركة بين الموساد والشاباك، وكيف نجحت في تفادي عيون "حزب الله" و "حماس"، بقيادة الرفيق العزيز الغالي، صديق السيد والمشرف على ترتيبات دفنه هنا في الرباط العاصمة، ومختلف الأمور المتعلقة بترتيبات الخطة كلها وتكتيكها، والبقية.

"آش طاري آلخوت؟"، لنبتعد الآن عن الهزل والمزاح، ولنطرح السؤال بجدية: "آش طاري آلخوت؟ ومن منح الحمقى بطاقة الصحافة ذات نزق؟ ومنذ متى كان المجانين يتحدثون إلى الرأي العام ويصنعونه؟ وإلى متى سنواصل الفرجة الساخرة ضاحكين على هذا الجنون الذي أصبح جنسا صحافيا؟ وهل يكفي الاستهتار بالحمق والتطبيع معه للقضاء عليه وانتظار تعبه ذات يوم؟ وهل ندرك جميعا معنى أن يقتنع جزء من المغاربة أن هذا الجنون هو نوع من أنواع الصحافة؟ بل هل نستوعب معنى أن يقول لنا هذا الجزء من المغاربة إن هذا الحمق و "هاد هبل تربح" هي الصحافة الحقيقية التي يجب علينا جميعا أن ندفع ثمن الانخراط في نادي "بويا عمر" بعد فتحه من جديد، وأن نشرع في ممارستها المجنونة نحن أيضا؟".

هل يعرف المتصارعون حول مكاسب ومغانم الصحافة منذ زمن قديم، بل وقديم جدا، الفخ الذي أوقعونا فيه؟

هل يقدرون حجم الدمار الذي تركوه لنا وهم يتفرجون علينا مبتسمين الآن ويرددون "حنا بعدا عفا علينا الله؟"

ذنب هذه المهنة وماوصلت إليه عالق في رقاب الجميع، منذ لحظة التأسيس الأولى حتى لحظة الهروب الجماعية .

وعندما نرى أمامنا اليوم سيتكومات الجاسوسية ومنطق الحمق والحمقى وهما يحكمان المشهد، علينا أن نتذكر أمرا مهما وأساسيا: قبل سقوط المهنة إلى هذا الحضيض النتن اليوم، أياد كثيرة دفعتها نحوه وهي تعرف ماذا تفعل، فقط لأنها فهمت أن ساعتها فيه قد انتهت، فقررت أن تحرق كل البطاقات والأوراق وكل السفن والزوارق، بل وقررت أن تحرق نفسها، وتحرق كل من أصروا على البقاء في هذا المجال.

هذه هي الحقيقة التي لن يقولها لكم أحد، ولن تجدوها إلا هنا، أما آخر كلامنا فهذا الدعاء: اللهم اجعل لنا مخرجا عاقلا من هذا "المارستان" العجيب.

اللهم آمين، وكفى.