مجرد (خلاف بسيط)!!!

بقلم: المختار الغزيوي الثلاثاء 08 أبريل 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

تابعت، من موقعي على الأريكة أو الكنبة، وعن كثب، الصراع الضاري الذي دار الأحد الماضي بين جزء من المغاربة، وجزء آخر من المغاربة، حول المسيرة من أجل فلسطين. 

يجب القول هنا أن فلسطين هي الموضوع الوحيد الذي ينسى فيه المغربي خلافه مع المغربي، ويتذكر فقط «باب المغاربة» والقدس، وأننا البلد الذي يفخر بعمله الميداني هناك لصالح المعذبين في تلك الأرض، وأننا الوطن الذي يرأس ملكه لجنة القدس، وأننا من بقينا دوما على عهد التضامن الفعلي والحقيقي مع الفلسطينيين، بالأفعال لا بالأقوال، وبالعمل على أرض الواقع، لا بالشعارات، وأننا قبل هذا وبعده، البلد الذي يتضامن مع حق الناس هناك، دون أن يريد أي شيء من هذا التضامن، عكس الآخرين والكثيرين. 

لذلك لننس تماما حكاية أن هذه الجماعة أخرجت كل هؤلاء المغاربة إلى الشارع من أجل فلسطين، ولنتذكر فقط أننا في كل لقاء للكرة نرفع أعلام ذلك الحق، ونغني له الشعارات، وأن الأمر يتعلق بموضوع جامع ليس حوله إلا اختلاف واحد هو التالي: 

الاختلاف بيننا هو حول من يتضامن مع فلسطين لوجه فلسطين، وبين من يدعي التضامن مع فلسطين فقط لكي يصفي حسابات التشميع القانوني لأماكن التجمهر غير المرخص لها، ولكي يصفي حسابا سابقا يخص الإقامة الجبرية، ولكي يصفي حسابا آخر عن قومة خرافية لم تتم، وعن رؤية اتضح أنها مجرد أضغاث أحلام، ولكي يصفي حساب ما عجز عن تنفيذه يوم العشرين من فبراير وما تلاه، ولكي يصفي حساب عدم جني نتائج (التربية على منهاج النبوة) و(الخلافة العمرية) وبقية التنظيرات، ولكي يصفي حساب الاستيلاء الفاشل على النقابة الطلابية، «أوطم»، لمن لازال قادرا على تذكر هذا الإطار الذي كان عتيدا، وعلى بقية النقابات والتنسيقيات ومختلف الهبآت اللاعبة لهذا الدور.

هذا هو الاختلاف (البسيط): نحن، المغاربة العاديون، قوم يتعاطفون مع الضعيف والمظلوم أينما كان، ولا يشترطون قبل القيام بذلك أن يكون من نفس تنظيمهم، أو جماعتهم، أو حاملا لبطاقة العضوية في هذا الفرع أو ذاك. 

الآخرون، أهل التضامن بالعصا من أجل الهش بها على الغنم، وقضاء المآرب الأخرى والشتى، معهم كلام ثان لا بد منه، وإن كان البعض منا يجبن، كل مرة، عن قوله، لأنه يخشى العدد عوض أن يخشى الله. 

هذا (التضامن) من أجل «تقطار الشمع» على بلدنا أمر مرفوض تماما من طرف المغاربة، الذين يعرفون جيدا ألا أحد - على الإطلاق - في هذا الكون الفسيح كله، يستطيع المزايدة على المملكة المغربية في موضوع فلسطين هذا. 

لا أحد على الإطلاق، وفي الكون كله، نعيدها، قدم لفلسطين، وللقضية الفلسطينية، ما قدمه شعب وملك ودولة المغرب. 

هذه، وقد انتهينا منها، وسنعيد قولها متى كان ذاك ضروريا. 

نأتي الآن إلى الراغبين في لعب أدوار وزراء الخارجية لبلادنا، لكي نقول لهم إن تحديد مسار ومسير العمل الديبلوماسي لهذه المملكة العريقة ليس اختصاصا لهم. وكم بدا أحد قياديي الجماعة إياها مضحكا وصغيرا، وهو يخبرنا جميعا الأحد الماضي، وقد شطح به «الحماس» وأخذه كل مأخذ أنه يتحدث باسم «العاصمة الشعبية»، ويملي على البلد، هنا والآن، ما وجب اتخاذه من قرارات في هذا الصدد. 

هذا النوع من الصبيانية رائج، وينجح في دول وبلدان أخرى، أما هنا، في المغرب العريق، فالغلبة دوما وأبدا للعقل والعقلاء المنزه كلامهم والفعل منهم عن العبث، والذين يعرفون كيفية الحديث، وكيفية الصمت، بل وحتى كيفية توجيه الرسائل، إذا لزم الأمر، لمن يهمهم هذا الأمر. 

المهم، تابعت وتابعنا، الأحد الماضي، جزءا من خلاف (بسيط) أو كالبسيط، حول مسيرة، هو في نهاية وبداية المطاف خلاف حول أمور أخرى، والمسيرة، فيه ومعها فلسطين المسكينة، مجرد مطية اعتاد القوم ركوبها من أجل الوصول إلى ما لم، ولن يصلوه أبدا. 

ارفع الشعار، يا أخي، مجددا، فالظاهر أننا مصرون على الغناء (كل منا على ليلاه) مزيدا من الوقت، أما فلسطين فتستطيع... مواصلة الموت والانتظار.