وجه محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، انتقادات لاذعة لمضامين مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، معتبراً أن الصيغة الحالية للمشروع لا تفي بمتطلبات الملاءمة التشريعية مع المعايير الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد، ولا تعكس حجم الالتزامات الدستورية والاتفاقية التي تعهد بها المغرب.
وأكد بنعليلو، في عرض قدمه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، خلال اجتماع خصص للاستماع إلى ملاحظات وتوصيات الهيئة حول المشروع، يوم الاثنين 22 أبريل 2025، أن النص المعروض للنقاش اتسم بنقائص واضحة على مستوى الإعداد والصياغة والمحتوى، لافتاً إلى غياب دراسة تقييمية للنص الأصلي قبل التعديل، فضلاً عن غياب مذكرات تفسيرية تعلل دوافع ومبررات التغييرات المقترحة.
وشدد المتحدث على أن مقاربة المشروع للموضوعات المرتبطة بمكافحة الفساد “لا تزال محكومة بمنطق الاقتصاد التشريعي”، وهو ما اعتبره غير منسجم مع ما تقتضيه ملاءمة القانون مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي صادق عليها المغرب منذ سنة 2007. واعتبر أن المقاربة التشريعية السائدة في المشروع تنحو نحو “تكميم مكافحة الفساد بدل تمكينها”، وذلك من خلال عدم تخصيص مقتضيات إجرائية ووقائية واضحة لتمكين هيئات النزاهة والرقابة من أداء أدوارها بكفاءة وفعالية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
ومن بين النقاط التي توقفت عندها الهيئة في مذكرتها الموجهة إلى اللجنة، عدم التنصيص على أي دور للهيئة الوطنية للنزاهة ضمن مسطرة التبليغ عن جرائم الفساد، رغم كونها مؤسسة دستورية مكلفة حصراً بتلقي الإبلاغات المتعلقة بأفعال الفساد وتتبع معالجتها، كما نص على ذلك القانون رقم 46.19 المتعلق بها.
واقترحت الهيئة إدراج مقتضيات صريحة تكفل التنسيق بين النيابة العامة والهيئة في معالجة الشكايات والإبلاغات، فضلاً عن توسيع آليات حماية المبلغين عن الفساد والشهود والخبراء والخبرات، على نحو يضمن فعاليتهم ويحميهم من الانتقام أو التعسف.
وفي السياق ذاته، عبّرت الهيئة عن قلقها من استمرار منح النيابة العامة سلطة تقديرية واسعة في البت في الشكايات ذات الطابع الفسادي، دون وجود ضوابط ومعايير شفافة، خصوصاً ما يتعلق بالمادة 19-10 التي تحدد شروط عدم تحريك المتابعة.
وطالبت الهيئة بتقييد هذه السلطة بما يضمن عدم استعمالها كوسيلة لتمييع الملاحقة في قضايا الفساد، داعية إلى التنصيص على إلزامية التعليل ونشر القرارات المتعلقة بالحفظ أو بعدم متابعة المتهمين في قضايا الفساد، ضماناً للشفافية والمساءلة.
وفي ختام مداخلته، اعتبر بنعليلو أن تحقيق عدالة جنائية ناجعة في مجال مكافحة الفساد يستوجب توفر إرادة تشريعية قوية تترجمها مقتضيات قانونية واضحة ومفعّلة، داعياً إلى تجاوز المقاربة الشكلية في التعديلات واعتماد إصلاح جوهري وشامل لمنظومة المسطرة الجنائية بما يستجيب لتحديات المرحلة والتزامات المغرب الدولية، ويكرس الثقة في منظومة العدالة ومؤسسات الدولة